تفسير القرطبي - القرطبي - ج ١٦ - الصفحة ٢٠
القيامة حيث قال: " بل الساعة موعدهم " [القمر: 46]. " لقضي بينهم " في الدنيا، فعاجل الظالم بالعقوبة وأثاب الطائع. " وإن الظالمين " أي المشركين. " لهم عذاب أليم " في الدنيا القتل والأسر والقهر، وفي الآخرة عذاب النار. وقرأ ابن هرمز " وأن " بفتح الهمزة على العطف على " ولولا كلمة " والفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بجواب " لولا " جائز. ويجوز أن يكون موضع " أن " رفعا على تقدير: وجب أن الظالمين لهم عذاب أليم، فيكون منقطعا مما قبله كقراءة الكسر، فاعلمه.
قوله تعالى: ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير (22) قوله تعالى: " ترى الضالمين مشفقين " أي خائفين " مما كسبوا " أي من جزاء ما كسبوا. والظالمون ها هنا الكافرون، بدليل التقسيم بين المؤمن والكافر. " وهو واقع بهم " أي نازل بهم. " والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات " الروضة: الموضع النزه الكثير الخضرة. وقد مضى في " الروم ". (1) " لهم ما يشاءون عند ربهم " أي من النعيم والثواب الجزيل. " ذلك هو الفضل الكبير " أي لا يوصف ولا تهتدي العقول إلى كنه صفته، لان الحق إذا قال كبير فمن ذا الذي يقدر قدره.
قوله تعالى: ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور (23)

(1) راجع ج 14 ص 11
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست