نجعلهم سواء. وقرأ الأعمش أيضا وعيسى بن عمر " ومماتهم " بالنصب، على معنى سواء في محياهم ومماتهم، فلما أسقط الخافض انتصب. ويجوز أن يكون " محياهم ومماتهم " بدلا من الهاء والميم في نجعلهم، المعنى: أن نجعل محياهم ومماتهم سواء كمحيا الذين آمنوا ومماتهم. ويجوز أن يكون الضمير في " محياهم ومماتهم " للكفار والمؤمنين جميعا. قال مجاهد: المؤمن يموت مؤمنا ويبعث مؤمنا، والكافر يموت كافرا ويبعث كافرا. وذكر ابن المبارك أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي الضحا عن مسروق قال قال رجل من أهل مكة: هذا مقام تميم الداري، لقد رأيته ذات ليلة حتى أصبح أو قرب أن يصبح يقرأ آية من كتاب الله ويركع ويسجد ويبكي " أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات " الآية كلها.
وقال بشير: بت عند الربيع بن خيثم ذات ليلة فقام يصلي فمر بهذه الآية فمكث ليله حتى أصبح لم يعدها ببكاء شديد. وقال إبراهيم بن الأشعث: كثيرا ما رأيت الفضيل بن عياض يردد من أول الليل إلى آخره هذه الآية ونظيرها، ثم يقول: ليت شعري! من أي الفريقين أنت؟
وكانت هذه الآية تسمى مبكاة العابدين لأنها محكمة.
قوله تعالى: وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزي كل نفس بما كسبت وهم لا يظلمون (22) قوله تعالى: " وخلق الله السماوات والأرض بالحق " أي بالامر الحق. " ولتجزي " أي ولكي تجزى. " كل نفس بما كسبت " أي في الآخرة. " وهم لا يظلمون ".
قوله تعالى: أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون (23) قال ابن عباس والحسن وقتادة: ذلك الكافر اتخذ دينه ما يهواه، فلا يهوى شيئا إلا ركبه. وقال عكرمة: أفرأيت من جعل إلهه الذي يعبده ما يهواه أو يستحسنه، فإذا استحسن