يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم (31) قوله تعالى: " قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى " أي القرآن، وكانوا مؤمنين بموسى. قال عطاء: كانوا يهودا فأسلموا، ولذلك قالوا: " أنزل من بعد موسى ".
وعن ابن عباس أن الجن لم تكن سمعت بأمر عيسى، فلذلك قالت: " أنزل من بعد موسى ".
" مصدقا لما بين يديه " يعني ما قبله من التوراة. " يهدي إلى الحق " دين الحق.
" وإلى طريق مستقيم " دين الله القويم. " يا قومنا أجيبوا داعي الله " يعني محمدا صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أنه كان مبعوثا إلى الجن والإنس. قال مقاتل: ولم يبعث الله نبيا إلى الجن والإنس قبل محمد صلى الله عليه وسلم.
قلت: يدل على قوله ما في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمر وأسود وأحلت لي الغنائم ولم تحل لاحد قبلي وجعلت لي الأرض طيبة طهورا ومسجدا فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان ونصرت بالرعب بين يدي مسيرة شهر وأعطيت الشفاعة]. قال مجاهد: الأحمر والأسود: الجن والإنس.
وفي رواية من حديث أبي هريرة " وبعثت إلى الخلق كافة وختم بي النبيون ". " وآمنوا به " أي بالداعي، وهو محمد صلى الله عليه وسلم. وقيل: " به " أي بالله، لقوله: " يغفر لكم من ذنوبكم ". قال ابن عباس: فاستجاب لهم من قومهم سبعون رجلا، فرجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوافقوه بالبطحاء، فقرأ عليهم القرآن وأمرهم ونهاهم.
مسألة - هذه الآي تدل على أن الجن كالإنس في الأمر والنهي والثواب والعقاب.
وقال الحسن: ليس لمؤمني الجن ثواب غير نجاتهم من النار، يدل عليه قوله تعالى:
" يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ". وبه قال أبو حنيفة قال: ليس ثواب الجن إلا أن يجاروا من النار، ثم يقال لهم: كونوا ترابا مثل البهائم. وقال آخرون: إنهم كما يعاقبون