وقال عمر بن ذر: يأهل معاصي الله، لا تغتروا بطول حلم الله عنكم، واحذروا أسفه، فإنه قال " فلما آسفونا انتقمنا منهم ". وقيل: " آسفونا " أي أغضبوا رسلنا وأولياءنا المؤمنين، نحو السحرة وبني إسرائيل. وهو كقوله تعالى: " يؤذون الله " (1) [الأحزاب: 57] و " يحاربون الله " (2) [المائدة: 33] أي أولياءه ورسله.
قوله تعالى: فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين (56) قوله تعالى: " فجعلناهم سلفا " أي جعلنا قوم فرعون سلفا. قال أبو مجلز: " سلفا " لمن عمل عملهم، " ومثلا " لمن يعمل عملهم. وقال مجاهد: " سلفا " إخبارا لامة محمد صلى الله عليه وسلم، " ومثلا " أي عبرة لهم. وعنه أيضا " سلفا " لكفار قومك يتقدمونهم إلى النار.
قتادة: " سلفا " إلى النار، " ومثلا " عظة لمن يأتي بعدهم. والسلف المتقدم، يقال:
سلف يسلف سلفا، مثل طلب طلبا، أي تقدم ومضى. وسلف له عمل صالح أي تقدم.
والقوم السلاف المتقدمون. وسلف الرجل: آباؤه المتقدمون، والجمع أسلاف وسلاف.
وقراءة العامة " سلفا " (بفتح السين واللام) جمع سالف، كخادم وخدم، وراصد ورصد، وحارس وحرس. وقرأ حمزة والكسائي " سلفا " (بضم السين واللام). قال الفراء: هو جمع سليف، نحو سرير وسرر. وقال أبو حاتم: هو جمع سلف، نحو خشب وخشب، وثمر وثمر، ومعناهما واحد. وقرأ علي وابن مسعود وعلقمة وأبو وائل والنخعي وحميد بن قيس " سلفا " (بضم السين وفتح اللام) جمع سلفة، أي فرقة متقدمة. قال المؤرج والنضر بن شميل:
" سلفا " جمع سلفة، نحو غرفة وغرف، وطرفة وطرف، وظلمة وظلم.
قوله تعالى: ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون (57) لما قال تعالى: " واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون " [الزخرف: 45] تعلق المشركون بأمر عيسى وقالوا: ما يريد محمد إلا أن نتخذه إلها كما اتخذت النصارى عيسى بن مريم إلها، قاله قتادة. ونحوه عن مجاهد قال: إن قريشا قالت إن محمدا