قوله تعالى: " فما أوتيتم من شئ " يريد من الغنى والسعة في الدنيا. " فمتاع " أي فإنما هو متاع في أيام قليلة تنقضي وتذهب، فلا ينبغي أن يتفاخر به. والخطاب للمشركين.
" وما عند الله خير وأبقى " يريد من الثواب على الطاعة " الذين آمنوا " صدقوا ووحدوا " وعلى ربهم يتوكلون " نزلت في أبي بكر الصديق حين أنفق جميع ماله في طاعة الله فلامه الناس. وجاء في الحديث أنه: أنفق ثمانين ألفا.
قوله تعالى: والذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون (37) فيه مسألتان: الأولى - قوله تعالى: " والذين يجتنبون " الذين في موضع جر معطوف على قوله:
" خير وأبقى للذين آمنوا " أي وهو للذين يجتنبون " كبائر الاثم " وقد مضى القول في الكبائر في " النساء " (1). وقرأ حمزة والكسائي " كبائر الاثم " والواحد قد يراد به الجمع عند الإضافة، كقوله تعالى: " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " (2) [النحل: 18]، وكما جاء في الحديث: (منعت العراق درهمها وقفيزها). الباقون بالجمع هنا وفي " النجم ".
(3) " والفواحش " قال السدي: يعني الزنى. وقاله ابن عباس، وقال: كبير الاثم الشرك. وقال قوم: كبائر الاثم ما تقع على الصغائر مغفورة عند اجتنابها. والفواحش داخلة في الكبائر، ولكنها تكون أفحش وأشنع كالقتل بالنسبة إلى الجرح، والزنى بالنسبة إلى المراودة. وقيل: الفواحش والكبائر بمعنى واحد، فكرر لتعدد اللفظ، أي يجتنبون المعاصي لأنها كبائر وفواحش. وقال مقاتل: الفواحش موجبات الحدود.
الثانية - قوله تعالى: " وإذا ما غضبوا هم يغفرون " أي يتجاوزون ويحملون عمن ظلمهم. قيل: نزلت في عمر حين شتم بمكة. وقيل: في أبي بكر حين لامه الناس على