قوله تعالى: لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون (78) يحتمل أن يكون هذا من قول مالك لهم، أي إنكم ماكثون في النار لأنا جئناكم في الدنيا بالحق فلم تقبلوا. ويحتمل أن يكون من كلام الله لهم اليوم، أي بينا لكم الأدلة وأرسلنا إليكم الرسل. " ولكن أكثركم " قال ابن عباس: " ولكن أكثركم " أي ولكن كلكم. وقيل:
أراد بالكثرة الرؤساء والقادة منهم، وأما الاتباع فما كان لهم أثر " للحق " أي للاسلام ودين الله " كارهون ".
قوله تعالى: أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون (79) قال مقاتل: نزلت في تدبيرهم بالمكر بالنبي صلى الله عليه وسلم في دار الندوة، حين استقر أمرهم على ما أشار به أبو جهل عليهم أن يبرز من كل قبيلة رجل ليشتركوا في قتله فتضعف المطالبة بدمه، فنزلت هذه الآية، وقتل الله جميعهم ببدر. " أبرموا " أحكموا. والابرام الاحكام. أبرمت الشئ أحكمته. وأبرم الفتال إذا أحكم الفتل، وهو الفتل الثاني، والأول سحيل، كما قال:
*... من سحيل (1) ومبرم * فالمعنى أم أحكموا كيدا فإنا محكمون لهم كيدا، قاله ابن زيد ومجاهد. قتادة: أم أجمعوا على التكذيب فإنا مجمعون على الجزاء بالبعث. الكلبي: أم قضوا أمرا فإنا قاضون عليهم بالعذاب. وأم بمعنى بل. وقيل: " أم أبرموا " عطف على قوله " أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون " (2) [الزخرف: 45]. وقيل: أي ولقد جئناكم بالحق فلم تسمعوا، أم سمعوا فأعرضوا لأنهم في أنفسهم أبرموا أمرا أمنوا به العقاب.
قوله تعالى: أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون (80)