ابن عباس: لأهلكهم بجند من الملائكة. " ولكن ليبلوا بعضكم ببعض " أي أمركم بالحرب ليبلو ويختبر بعضكم ببعض فيعلم المجاهدين والصابرين، كما في السورة نفسها. " والذين قتلوا في سبيل الله " يريد قتلى أحد من المؤمنين " فلن يضل أعمالهم " قراءة العامة " قاتلوا " وهي اختيار أبي عبيد. وقرأ أبو عمرو وحفص " قتلوا " بضم القاف وكسر التاء، وكذلك قرأ الحسن إلا أنه شدد التاء على التكثير. وقرأ الجحدري وعيسى بن عمر وأبو حياة " قتلوا " بفتح القاف والتاء من غير ألف، يعني الذين قتلوا المشركين. قال قتادة: ذكر لنا أن هذه الآية نزلت يوم أحد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب، وقد فشت فيهم الجراحات والقتل، وقد نادى المشركون: اعل هبل. ونادى المسلمون: الله أعلى وأجل.
وقال المشركون: يوم بيوم بدر والحرب سجال. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (قولوا لا سواء. قتلانا أحياء عند ربهم يرزقون وقتلاكم في النار يعذبون). فقال المشركون:
إن لنا العزى ولا عزى لكم. فقال المسلمون: الله مولانا ولا مولى لكم. وقد تقدم ذكر ذلك في (آل عمران) (1).
قوله تعالى: سيهديهم ويصلح بالهم (5) قال القشيري: قراءة أبي عمرو " قتلوا " بعيدة، لقوله تعالى: " سيهديهم ويصلح بالهم " والمقتول لا يوصف بهذا. قال غيره: يكون المعنى سيهديهم إلى الجنة، أو سيهدي من بقي منهم، أي يحقق لهم الهداية. وقال ابن زياد: سيهديهم إلى محاجة منكر ونكير في القبر.
قال أبو المعالي: وقد ترد الهداية والمراد بها إرشاد المؤمنين إلى مسالك الجنان والطرق المفضية إليها، ومن ذلك قوله تعالى في صفة المجاهدين: " فلن يضل أعمالهم. سيهديهم ".
ومنه قوله تعالى: " فاهدوهم إلى صراط الجحيم " (2) [الصافات: 23] معناه فاسلكوا بهم إليها.
قوله تعالى: ويدخلهم الجنة عرفها لهم (6)