وللعلماء في هذا الباب في ذم الهوى ومخالفته كتب وأبواب أشرنا إلى ما فيه كفاية منه، وحسبك بقوله تعالى: " وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى. فإن الجنة هي المأوى " (1) [النازعات: 40 - 41].
قوله تعالى: " وأضله الله على علم " أي على علم قد علمه منه. وقيل: أضله عن الثواب على علم منه بأنه لا يستحقه. وقال ابن عباس: أي على علم قد سبق عنده أنه سيضل.
مقاتل: على علم منه أنه ضال، والمعنى متقارب. وقيل: على علم من عابد الصنم أنه لا ينفع ولا يضر. ثم قيل: " على علم " يجوز أن يكون حالا من الفاعل، المعنى: أضله على علم منه به، أي أضله عالما بأنه من أهل الضلال في سابق علمه. ويجوز أن يكون حالا من المفعول، فيكون المعنى: أضله في حال علم الكافر بأنه ضال. " وختم على سمعه وقلبه " أي طبع على سمعه حتى لا يسمع الوعظ، وطبع على قلبه حتى لا يفقه الهدى.
(2) " وجعل على بصره غشاوة " أي غطاء حتى لا يبصر الرشد. وقرأ حمزة والكسائي " غشوة " بفتح الغين من غير ألف، وقد مضى في " البقرة " (3). وقال الشاعر:
أما والذي أنا عبد له * يمينا ومالك أبدى اليمينا لئن كنت ألبستني غشوة * لقد كنت أصفيتك الود حينا " فمن يهديه من بعد الله " أي من بعد أن أضله. " أفلا تذكرون " تتعظون وتعرفون أنه قادر على ما يشاء.
وهذه الآية ترد على القدرية والامامية ومن سلك سبيلهم في الاعتقاد، إذ هي مصرحة بمنعهم من الهداية. ثم قيل: " وختم على سمعه وقلبه " إنه خارج مخرج الخبر عن أحوالهم. وقيل:
إنه خارج مخرج الدعاء بذلك عليهم، كما تقدم في أول " البقرة " (4). وحكى ابن جريج أنها نزلت