فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " قال الله عز وجل " ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون " فأكون أول من رفع رأسه فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدرى أرفع رأسه قبلي أو كان ممن استثنى الله ومن قال أنا خير من يونس بن متى كذب " وخرجه الترمذي أيضا وقال فيه: حديث حسن صحيح، قال القشيري: ومن حمل الاستثناء على موسى والشهداء فهؤلاء قد ماتوا غير أنهم أحياء عند الله، فيجوز أن تكون الصعقة بزوال العقل دون زوال الحياة، ويجوز أن تكون بالموت، ولا يبعد أن تكون الموت والحياة فكل ذلك مما يجوزه العقل، والامر في وقوعه موقوف على خبر صدق قلت: جاء في بعض طرق أبي هريرة أنه عليه السلام قال: " لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق فإذا موسى باطش بجانب العرش (1) فلا أدرى أكان فيمن صعق فأفاق قبلي أم كان ممن استثنى الله " خرجه مسلم، ونحوه عن أبي سعيد الخدري، والإفاقة إنما تكون عن غشية وزوال عقل لا عن موت برد الحياة، والله أعلم.
قوله تعالى: " فإذا قيام ينظرون " أي فإذا الأموات من أهل الأرض والسماء أحياء بعثوا من قبورهم، وأعيدت إليهم أبدانهم وأرواحهم، فقاموا ينظرون ماذا يؤمرون وقيل: قيام على أرجلهم ينظرون إلى البعث الذي وعدوا به، وقيل: هذا النظر بمعنى الانتظار، أي ينتظرون ما يفعل بهم، وأجاز الكسائي قياما بالنصب، كما تقول: خرجت فإذا زيد جالسا.
قوله تعالى: وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجئ بالنبيين والشهداء وقضى بينهم بالحق وهم لا يظلمون (69) ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون (70) .