وعن ابن شهاب: أن عمر بن عبد العزيز أحضر غيلان القدري فقال: يا غيلان بلغني أنك تتكلم بالقدر، فقال: يكذبون على يا أمير المؤمنين. ثم قال: يا أمير المؤمنين أرأيت قول الله تعالى: " إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا. إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا " [الإنسان: 2 - 3] قال: اقرأ يا غيلان فقرأ حتى انتهى إلى قوله: " فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا " [الإنسان: 29] فقال اقرأ فقال: " وما تشاءون إلا أن يشاء الله " [الإنسان: 30] فقال: والله يا أمير المؤمنين إن شعرت أن هذا في كتاب الله قط. فقال له: يا غيلان اقرأ أول سورة [يس] فقرأ حتى بلغ " وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون " فقال غيلان: والله يا أمير المؤمنين كأني لم أقرأها قط قبل اليوم، اشهد يا أمير المؤمنين أني تائب. قال عمر: اللهم إن كان صادقا فتب عليه وثبته، وإن كان كاذبا فسلط عليه من لا يرحمه واجعله آية للمؤمنين، فأخذه هشام فقطع يديه ورجليه وصلبه. وقال ابن عون: فأنا رأيته مصلوبا على باب دمشق.
فقلنا: ما شأنك يا غيلان؟ فقال: أصابتني دعوة الرجل الصالح عمر بن عبد العزيز.
قوله تعالى: " إنما تنذر من اتبع الذكر " يعني القرآن وعمل به. " وخشي الرحمن بالغيب " أي ما غاب من عذابه وناره، قاله قتادة. وقيل: أي يخشاه في مغيبه عن أبصار الناس وانفراده بنفسه. " فبشره بمغفرة " أي لذنبه " وأجر كريم " أي الجنة.
قوله تعالى: إنا نحن نحى الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شئ أحصيناه في امام مبين (12) فيه أربع مسائل الأولى - قوله تعالى: " إنا نحن نحى الموتى " أخبرنا تعالى باحيائه الموتى ردا على الكفرة. وقال الضحاك والحسن: أي نحييهم بالإيمان بعد الجهل، والأول أظهر أي نحييهم بالبعث للجزاء. ثم توعدهم بذكره كتب الآثار وهي الثانية - وإحصاء كل شئ وكل ما يصنعه الإنسان. قال قتادة: معناه من عمل.
وقاله مجاهد وابن زيد. ونظيره قوله: " علمت نفس ما قدمت وأخرت ": [الانفطار: 5] وقوله: " ينبأ