" ما منا من شهيد " أي نعلمك ما منا أحد يشهد بأن لك شريكا. لما عاينوا القيامة تبرءوا من الأصنام وتبرأت الأصنام منهم كما تقدم في غير موضع (1). وضل عنهم " أي بطل عنهم " ما كانوا يدعون من قبل " في الدنيا " وظنوا " أي أيقنوا وعلموا " مالهم من محيص " أي فرار عن النار. و " ما " هنا حرف وليس باسم، فلذلك لم يعمل فيه الظن وجعل الفعل ملغى، تقديره: وظنوا أنهم مالهم محيص ولا مهرب. يقال: حاص يحيص. حيصا ومحيصا إذا هرب. وقيل: إن الظن هنا الذي هو أغلب الرأي، لا يشكون في أنهم أصحاب النار ولكن يطمعون أن يخرجوا منها. وليس يبعد أن يكون لهم ظن ورجاء إلى أن يؤيسوا.
قوله تعالى: لا يسئم الانسان من دعاء الخير وان مسه الشر فيئوس قنوط ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربى ان لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ وإذا أنعمنا على الانسان أعرض ونئا بجانبه وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض قوله تعالى: " لا يسأم الانسان من دعاء الخير " أي لا يمل من دعائه بالخير. والخير هنا المال والصحة والسلطان والعز. قال السدى: والانسان ها هنا يراد به الكافر.
وقيل: الوليد بن المغيرة. وقيل: عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأمية بن خلف. وفي قراءة عبد الله " لا يسأم الإنسان من دعاء المال ". " وان مسه الشر " لا لفقر والمرض " فيئوس " من روح الله " قنوط " من رحمته. وقيل: " يؤوس " من إجابة الدعاء " قنوط " بسوء الظن بربه. وقيل: " يؤوس " أي يئس من زوال ما به من المكروه " قنوط " أي يظن أنه يدوم، والمعنى متقارب.