وقاله ابن إسحاق، ورواه ابن وهب عمالك. " أنا خلقناه من نطفة " وهو اليسير من الماء، نطف إذا قطر. " فإذا هو خصيم مبين " أي مجادل في الخصومة مبين للحجة. يريد بذلك أنه صار به بعد أن لم يكن شيئا مذكورا خصيما مبينا. وذلك أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم حائل فقال: يا محمد أترى أن الله يحيي هذا بعد ما رم! فقال النبي صلى الله عليه وسلم " نعم ويبعثك الله ويدخلك النار " فنزلت هذه الآية.
قوله تعالى: وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظم وهي رميم قل يحيها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم قوله تعالى: " وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيى العظام وهي رميم " فيه مسئلتان:
الأولى - قوله تعالى: " وضرب لنا مثلا ونسي خلقه " أي ونسي أنا أنشأناه من نطفة ميتة فركبنا فيه الحياة. أي جوا به من نفسه حاضر، ولهذا قال عليه السلام: " نعم ويبعثك الله ويدخلك النار " ففي هذا دليل على صحة القياس، لأن الله جل وعز احتج على منكري البعث بالنشأة الأولى. " قال من يحيى العظام وهي رميم " أي بالية. رم العظم فهو رميم ورمام. وإنما قال رميم ولم يقل رميمة، لأنها معدولة عن فاعلة، وما كان معدولا عن وجهه ووزنه كان مصروفا عن إعرابه، كقوله: " وما كانت أمك بغيا " [مريم: 28] أسقط الهاء، لأنها مصروفة عن باغية. وقيل: إن هذا الكافر قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن سحقتها وأذريتها في الريح أيعيدها الله! فنزلت " قل يحييها الذي أنشأها أول مرة " أي من غير شئ فهو قادر على إعادتها في النشأة الثانية من شئ وهو عجم الذنب. ويقال عجب الذنب بالياء. " وهو بكل خلق عليم " أي كيف بيدي ويعيد.