قلت: وقد استدل بهذا من قال إن أبواب الجنة ثمانية، وذكروا حديث عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ - أو فيسبغ الوضوء - (1) ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء " خرجه مسلم وغيره. وقد خرج الترمذي حديث عمر هذا وقال فيه: " فتح له من أبواب الجنة ثمانية أبواب يوم القيامة " بزيادة من وهو يدل على أن أبواب الجنة أكثر من ثمانية. وقد ذكرنا ذلك في كتاب التذكرة وانتهى عددها إلى ثلاثة عشر بابا، وذكرنا هناك عظم أبوابها وسعتها حسب ما ورد في الحديث من ذلك، فمن أراده وقف عليه هناك. " وقال لهم خزنتها " قيل: الواو ملغاة تقديره حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها " قال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم " أي في الدنيا. قال مجاهد:
بطاعة الله. وقيل: بالعمل الصالح. حكاه النقاش والمعنى واحد. وقال مقاتل: إذا قطعوا جسر جهنم حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار، فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا وطيبوا قال لهم رضوان وأصحابه: " سلام عليكم " بمعنى التحية " طبتم فادخلوها خالدين ".
قلت: خرج البخاري حديث القنطرة هذا في جامعه من حديث أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا ".
وحكى النقاش: إن على باب الجنة شجرة ينبع من ساقها عينان يشرب المؤمنون من إحداهما فتطهر أجوافهم وذلك قوله تعالى: " وسقاهم ربهم شرابا طهورا " [الإنسان: 21] ثم يغتسلون من الأخرى فتطيب أبشارهم فعندها يقول لهم خزنتها: " سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين " وهذا يروى معناه عن علي رضي الله عنه. " وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده " أي إذا دخلوا الجنة