ذنبه أو خطر على باله أستغفر منه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إني لأستغفر الله في اليوم والليلة مائة مرة ". ويقال آب يؤوب إذا رجع، كما قال (1):
وكل ذي غيبة يؤوب * وغائب الموت لا يؤوب فكان داود رجاعا إلى طاعة الله ورضاه في كل أمر فهو أهل لأن يقتدى به.
قوله تعالى: إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والاشراق فيه أربع مسائل الأولى - قوله تعالى: " إنا سخرنا الجبال معه يسبحن " " يسبحن " في موضع نصب على الحال. ذكر تعالى ما آتاه من البرهان والمعجزة وهو تسبيح الجبال معه. قال مقاتل: كان داود إذا ذكر الله جل وعز ذكرت الجبال معه، وكان يفقه تسبيح الجبال.
وقال ابن عباس: " يسبحن " يصلين. وإنما يكون هذا معجزة إذا رآه الناس وعرفوه. وقال محمد بن إسحاق: أوتي داود من حسن الصوت ما يكون له في الجبال دوي حسن، وما تصغي لحسنه [الطير] (2) وتصوت معه، فهذا تسبيح الجبال والطير. وقيل:
سخرها الله عز وجل لتسير معه فذلك تسبيحها، لأنها دالة على تنزيه الله عن شبه المخلوقين. وقد مضى القول في هذا في " سبأ " (3) وفي " سبحان " (4) عند قوله تعالى: " وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم " [الإسراء: 44] وأن ذلك تسبيح مقال على الصحيح من الأقوال.
والله أعلم. " بالعشي والإشراق " الإشراق أيضا ابيضاض الشمس بعد طلوعها. يقال:
شرقت الشمس إذا طلعت، وأشرقت إذا أضاءت. فكان داود يسبح إثر صلاته عند طلوع الشمس وعند غروبها.
الثانية - روي عن ابن عباس أنه قال: كنت أمر بهذه الآية: " بالعشي والإشراق " ولا أدري ما هي، حتى حدثتني أم هانئ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها،