قوله تعالى: قل أفغير الله تأمروني أعبد) وذلك حين دعوا النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما هم عليه من عبادة الأصنام وقالوا هو دين آبائك، و " غير " نصب ب " أعبده " على تقدير أعبد غير الله فيما تأمرونني، ويجوز أن ينتصب ب " تأمروني " على حذف حرف الجز، التقدير: أتأمروني بغير الله أن أعبد، لان أن مقدرة وأن والفعل مصدر، وهي بدل من غير، التقدير: أتأمروني بعبادة غير الله، وقرأ نافع " تأمروني " بنون واحدة مخففة وفتح الياء، وقرأ ابن عامر " تأمرونني، بنونين مخففتين على الأصل. الباقون بنون واحدة مشددة على الادغام، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم، لأنها وقعت في مصحف عثمان بنون واحدة، وقرأ نافع على حذف النون الثانية وإنما كانت المحذوفة الثانية، لان التكرير والتثقيل يقع بها، وأيضا حذف الأولى لا يجوز، لأنها دلالة الرفع، وقد مضى في " الانعام " (1) بيانه عند قوله تعالى: " أتحاجوني ". " أعبد " أي أن أعبد فلما حذف " أن " رفع، قاله الكسائي، ومنه قول الشاعر:
* إلا أيهذا الزاجري أحضر الوغى (2) * والدليل على صحة هذا الوجه قراءة من قرأ " أعبد " بالنصب.
قوله تعالى: ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين (65) بل الله فاعبد وكن من الشاكرين (66).
قوله تعالى: (ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت) قيل: إن في الكلام تقديما وتأخيرا، والقدير: لقد أوحى إليك لئن أشركت وأوحى إلى الذين من قبلك كذلك، وقيل: هو على بابه، قال مقاتل: أي أوحى إليك وإلى الأنبياء قبلك بالتوحيد والتوحيد محذوف، ثم قال: " لئن أشركت " يا محمد (ليحبطن عملك) وهو خطاب للنبي .