ما يغنيه منها فاكتفى به وقنع، فقد تجافى عن دار الغرور. وإذا احكم أموره بالتقوى فكان ناظرا في كل أمر، واقفا متأدبا متثبتا حذرا يتورع عما يربيه إلى ما لا يريبه فقد استعد للموت. فهذه علامتهم في الظاهر. وإنما صار هكذا الرؤية بالنور الذي ولج القلب. وقوله: " فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله: قيل: المراد أبو لهب وولده، ومعنى " من ذكر الله " أن قلوبهم نزداد قسوة من سماع ذكره. وقيل: إن " من " بمعنى عن والمعنى قست عن قبول ذكر الله. وهذا اختيار الطبري. وعن أبي سعيد الجدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " قال الله تعالى اطلبوا الحوائج من السمحاء فانى جعلت فيهم رحمتي ولا تطلبوها من القاسية قلوبهم فانى جعلت فيهم سخطي ". وقال مالك بن دينار:
ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة قلب، وما غضب الله على قوم الأنزع الرحمة من قلوبهم، قوله تعالى: الله نزل أحسن الحديث كتبا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدى به من يشاء ومن يظلل الله فماله من هاد فيه ثلاث مسائل:
الأولى - قوله تعالى: " نزل أحسن الحديث " يعنى القرآن لما قال " فيتبعون أحسنه " بين أن أحسن ما يسمع ما أنزله الله وهو القرآن. قال سعد بن أبي وقاص قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو حدثتنا فأنزل اله عز وجل " الله نزل أحسن الحديث " فقالوا: لو قصصت علينا فنزل " نحن نقص عليك أحسن القصص " فقالوا: لو ذكرتنا فنزل " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله " الآية. وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملوا ملة فقالوا له: حدثنا فنزلت. والحديث ما يحدث به المحدث. وسمى القرآن حديثا، لان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحدث به