متصلا. و " المجرمين " في قوله: " ونسوق الجرمين إلى جهنم وردا " يعم الكفرة والعصاة ثم أخبر أنهم لا يملكون الشفاعة إلا العصاة المؤمنون فإنهم يملكونها بأن يشفع فيهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا أزال أشفع حتى أقول يا رب شفعني فيمن قال لا إله إلا الله محمد رسول الله فيقول يا محمد إنها ليست لك ولكنها لي) خرجه مسلم بمعناه. وقد تقدم. وتظاهرت الاخبار بأن أهل الفضل والعلم والصلاح يشفعون فيشفعون، وعلى القول الأول يكون الكلام متصلا بقوله: " واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا " فلا تقبل غدا شفاعة عبدة الأصنام لاحد، ولا شفاعة الأصنام لاحد، ولا يملكون شفاعة أحد لهم أي لا تنفعهم شفاعة كما قال: (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) (1). وقيل: أي نحشر المتقين والمجرمين ولا يملك أحدا شفاعة. " إلا من أتخذ عند الرحمن عهدا " أي إذا أذن له الله (2) في الشفاعة. كما قال: " من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه " (3) [البقرة: 255]. وهذا العهد هو الذي قال:
" أم اتخذ عند الرحمن عهدا " وهو لفظ جامع للايمان وجميع [الأعمال] (2) الصالحات التي يصل بها صاحبها إلى حيز من يشفع. وقال ابن عباس: العهد لا إله إلا الله. وقال مقاتل وابن عباس أيضا: لا يشفع إلا من شهد أن لا إله إلا الله وتبرأ من الحول والقوة (4) لله ولا يرجو إلا الله تعالى. وقال ابن مسعود: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: (أيعجز أحدكم أن يتخذ كل صباح ومساء عند الله عهدا) قيل يا رسول الله وما ذاك؟ قال (يقول عند كل صباح ومساء اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك في هذه الحياة بأني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك [(فلا تكلني إلى (5) نفسي] فإنك إن تكلني إلى نفسي تباعدني من الخير وتقربني من الشر وإني لا أثق إلا برحمتك فاجعل لي عندك عهدا توفينيه يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد فإذا قال ذلك طبع الله عليها طابعا ووضعها تحت العرش فإذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الذين لهم عند الله عهد فيقوم فيدخل الجنة).