المحق في دينه وكأنهم لم يروا في الكفار فقيرا ولا في المسلمين غنيا ولم يعلموا أن الله تعالى نحى أولياءه عن الاغترار بالدنيا وفرط الميل إليها. و " بينات " معناه مرتلات الألفاظ ملخصة المعاني، مبينات المقاصد، إما محاكمات، أو متشابهات قد تبعها البيان بالمحكمات، أو تبيين الرسول صلى الله عليه وسلم قولا أو فعلا. أو ظاهرات الاعجاز تحدى بها فلم يقدر على معارضتها. أو حججا وبراهين. والوجه أن تكون حالا مؤكدة كقوله تعالى:
" وهو الحق مصدقا " (1) لان آيات الله تعالى لا تكون إلا واضحة وحججا. (قال الذين كفروا) يريد مشركي قريش النضر بن الحرث وأصحابه. (للذين آمنوا) يعني فقراء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت فيهم قشافة، وفي عيشهم خشونة وفي ثيابهم رثاثة وكان المشركون يرجلون شعورهم ويدهنون رؤوسهم ويلبسون خير ثيابهم، فقالوا للمؤمنين (أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا). قرأ ابن كثير وأبن محيصن وحميد وشبل بن عباد " مقاما " بضم الميم وهو موضع الإقامة. ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى الإقامة. الباقون " مقاما " بالفتح، أي منزلا ومسكنا. وقيل: المقام الموضع الذي يقام فيه بالأمور الجليلة، أي أي الفريقين أكثر جاها وأنصارا. " وأحسن نديا " أي مجلسا، عن ابن عباس. وعنه أيضا المنظر وهو المجلس في اللغة وهو النادي. ومنه دار الندوة لان المشركين كانوا يتشاورون فيها في أمورهم.
وناداه جالسه في النادي. قال:
* أنادي به آل الوليد وجعفرا * والندي على فعيل مجلس القوم ومتحدثهم، وكذلك الندوة والنادي [والمنتدى] (2) والمتندى، فإن تفرق القوم فليس بندي قاله الجوهري.
قوله تعالى: (وكم أهلكنا قبلهم من قرن) أي من أمة وجماعة. (هم أحسن أثاثا) أي متاعا كثيرا، قال: (3) وفرع يزين المتن أسود فاحم * أثيث كقنو النخلة المتعثكل