ساء ظني واشتقت إليك) فقال جبريل عليه السلام إني كنت أشوق ولكني عبد مأمور إذا بعثت نزلت وإذا حبست احتبست فنزلت الآية (وما نتنزل إلا بأمر ربك) وأنزل:
(والضحى والليل إذا سجى. ما ودعك ربك وما قلى) (1). ذكره الثعلبي والواحدي والقشيري وغيرهم. وقيل: هو إخبار من أهل الجنة أنهم يقولون عند دخولها وما نتنزل هذه الجنان إلا بأمر ربك وعلى هذا تكون الآية متصلة بما قبل. وعلى ما ذكرنا من الأقوال قيل: تكون غير متصلة بما قبلها والقرآن سور ثم السور تشتمل على جمل، وقد تنفصل جملة عن جملة " وما نتنزل " أي قال الله تعالى قل يا جبريل " وما نتنزل إلا بأمر ربك ". وهذا يحتمل وجهين: أحدهما: إنا إذا أمرنا نزلنا عليك. الثاني - إذا أمرك ربك نزلنا عليك فيكون الامر على [الوجه] (2) الأول متوجها إلى النزول وعلى الوجه الثاني متوجها إلى التنزيل.
قوله تعالى: (له) أي لله. (ما بين أيدينا) أي علم ما بين أيدينا (وما خلفنا وما بين ذلك) قال ابن عباس وابن جريج: ما مضى أمامنا من أمر الدنيا، وما يكون بعدنا من أمرها وأمر الآخرة. " وما بين ذلك " البرزخ. وقال قتادة ومقاتل: " له ما بين أيدينا " من أمر الآخرة " وما خلفنا " ما مضى من الدنيا " وما بين ذلك " ما بين النفختين وبينهما أربعون سنة. الأخفش: " ما بين أيدينا " ما كان قبل أن نخلق " وما خلفنا " ما يكون بعد أن نموت " وما بين ذلك " ما يكون منذ خلقنا إلى أن نموت. وقيل: " ما بين أيدينا " من الثواب والعقاب وأمور الآخرة " وما خلفنا " ما مضى من أعمالنا في الدنيا (وما بين ذلك) أي ما يكون من هذا الوقت إلى يوم القيامة. ويحتمل خامسا: " ما بين أيدينا " السماء " وما خلفنا " الأرض " وما بين ذلك " أي ما بين السماء والأرض. وقال ابن عباس في رواية " له ما بين أيدينا " يريد الدنيا إلى الأرض " وما خلفنا " يريد السماوات وهذا على عكس ما قبله " وما بين ذلك " يريد الهواء ذكر الأول الماوردي والثاني القشيري. الزمخشري: وقيل ما مضى من أعمارنا وما غبر منها والحال التي نحن فيها.
ولم يقل ما بين ذينك لان المراد ما بين ما ذكرنا كما قال " لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك " (3)