أبي أويس وداود بن سعيد بن زنبوعة، وهو ضعيف دليلا، فإن الله سبحانه قد أخبر بسهمهم فيها نصا فكيف يخلفون عنه استقراء وسبرا. والصحيح الاجتهاد في قدر الأجرة، لان البيان في تعديد الأصناف إنما كان للمحل لا للمستحق، على ما تقدم.
واختلفوا في العامل إذا كان هاشميا، فمنعه أبو حنيفة لقوله عليه السلام: (إن الصدقة لا تحل لآل محمد إنما هي أوساخ الناس). وهذه صدقة من وجه، لأنها جزء من الصدقة فتلحق بالصدقة من كل وجه كرامة وتنزيها لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن غسالة الناس. وأجاز عمله مالك والشافعي، ويعطى أجر عمالته، لان النبي صلى الله عليه وسلم بعث علي بن أبي طالب مصدقا، وبعثه عاملا إلى اليمن على الزكاة، وولى جماعة من بني هاشم وولى الخلفاء بعده كذلك. ولأنه أجير على عمل مباح فوجب أن يستوي فيه الهاشمي وغيره اعتبارا بسائر الصناعات. قالت الحنفية: حديث علي ليس فيه أنه فرض له من الصدقة، فإن فرض له من غيرها جاز. وروي عن مالك.
الحادية عشرة - ودل قوله تعالى: " والعاملين عليها " على أن كل ما كان من فروض الكفايات كالساعي والكاتب والقسام والعاشر وغيرهم فالقائم به يجوز له أخذ الأجرة عليه.
ومن ذلك الإمامة، فإن الصلاة وإن كانت متوجهة على جميع الخلق فإن تقدم بعضهم بهم من فروض الكفايات، فلا جرم يجوز أخذ الأجرة عليها. وهذا أصل الباب، وإليه أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (ما تركت بعد نفقة نسائي (1) ومؤنة عاملي فهو صدقة) قاله ابن العربي.
الثانية عشرة - قوله تعالى: لا ذكر للمؤلفة قلوبهم في التنزيل في غير قسم الصدقات، وهم قوم كانوا في صدر الاسلام ممن يظهر الاسلام، يتألفون بدفع سهم من الصدقة إليهم لضعف يقينهم. قال الزهري: المؤلفة من أسلم من يهودي أو نصراني وإن كان غنيا. وقال بعض المتأخرين: اختلف في صفتهم، فقيل: هم صنف من الكفار