فقال له الحقوق كثيرة فقال له كأني أعرفك ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرا فأعطاك الله فقال إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر فقال إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت فقال وأتى الأقرع في صورته فقال له مثل ما قال لهذا ورد عليه مثل ما رد على هذا فقال إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت قال وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقال رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري فقال قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري فخذ ما شئت ودع ما شئت فوالله لا أجهدك اليوم شيئا أخذته لله فقال أمسك مالك فإنما ابتليتم فقد رضي عنك وسخط على صاحبيك). وفي هذا أدل دليل على أن من ادعى زيادة على فقره من عيال أو غيره لا يكشف عنه خلافا لمن قال يكشف عنه إن قدر، فإن في الحديث (فقال رجل مسكين وابن سبيل أسألك شاة) ولم يكلفه إثبات السفر. فأما المكاتب فإنه يكلف إثبات الكتابة لان الرق هو الأصل حتى تثبت الحرية.
الخامسة والعشرون - ولا يجوز أن يعطي من الزكاة من تلزمه نفقته وهم الوالدان والولد والزوجة. وإن أعطى الامام صدقة الرجل لولده ووالده وزوجته جاز. وأما أن يتناول ذلك هو نفسه فلا، لأنه يسقط بها عن نفسه فرضا. قال أبو حنيفة: ولا يعطى منها ولد ابنه ولا ولد ابنته، ولا يعطي منها مكاتبه ولا مدبره ولا أم ولده ولا عبدا أعتق نصفه، لأنه مأمور بالايتاء والاخراج إلى الله تعالى بواسطة كف الفقير، ومنافع الأملاك مشتركة بينه وبين هؤلاء، ولهذا لا تقبل شهادة بعضهم لبعض. قال: والمكاتب عبد ما بقي عليه درهم وربما يعجز فيصير الكسب له. ومعتق البعض عند أبي حنيفة بمنزلة المكاتب. وعند صاحبيه أبي يوسف ومحمد بمنزلة حر عليه دين فيجوز أداؤها إليه.
السادسة والعشرون - فإن أعطاها لمن لا تلزمه نفقتهم فقد اختلف فيه، فمنهم من جوزه ومنهم من كرهه. قال مالك: خوف المحمدة. وحكى مطرف أنه قال: رأيت مالكا يعطي زكاته لأقاربه. وقال الواقدي قال مالك: أفضل من وضعت فيه زكاتك