ذلك. وقال صلى الله عليه وسلم: (لا أحل المسجد لحائض ولا لجنب) والكافر جنب.
وقوله تعالى: " إنما المشركون نجس " فسماه الله تعالى نجسا. فلا يخلو أن يكون نجس العين أو مبعدا من طريق الحكم. وأي ذلك كان فمنعه من المسجد واجب لان العلة وهي النجاسة موجودة فيهم، والحرمة موجودة في المسجد. يقال: رجل نجس، وامرأة نجس، ورجلان نجس، وامرأتان نجس، ورجال نجس، ونساء نجس، لا يثنى ولا يجمع لأنه مصدر. فأما النجس (بكسر النون وجزم الجيم) فلا يقال إلا إذا قيل معه رجس. فإذا أفرد قيل نجس (بفتح النون وكسر الجيم) ونجس (بضم الجيم). وقال الشافعي رحمه الله: الآية عامة في سائر المشركين، خاصة في المسجد الحرام، ولا يمنعون من دخول غيره، فأباح دخول اليهودي والنصراني في سائر المساجد. قال ابن العربي: وهذا جمود منه على الظاهر، لان قوله عز وجل: " إنما المشركون نجس " تنبيه على العلة بالشرك والنجاسة. فإن قيل: فقد ربط النبي صلى الله عليه وسلم ثمامة في المسجد وهو مشرك. قيل له: أجاب علماؤنا عن هذا الحديث - وإن كان صحيحا - بأجوبة: أحدها - أنه كان متقدما على نزول الآية.
الثاني - أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد علم بإسلامه فلذلك ربطه.
الثالث - أن ذلك قضية في عين فلا ينبغي أن تدفع بها الأدلة التي ذكرناها، لكونها مقيدة حكم القاعدة الكلية. وقد يمكن أن يقال: إنما ربطه في المسجد لينظر حسن صلاة المسلمين واجتماعهم عليها، وحسن آدابهم في جلوسهم في المسجد، فيستأنس بذلك ويسلم، وكذلك كان. ويمكن أن يقال: إنهم لم يكن لهم موضع يربطونه فيه إلا في المسجد، والله أعلم. وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يمنع اليهود والنصارى من دخول المسجد الحرام ولا غيره، ولا يمنع دخول المسجد الحرام إلا المشر كون وأهل الأوثان. وهذا قول يرده كل ما ذكرناه من الآية وغيرها. قال الكيا الطبري: ويجوز للذمي دخول سائر المساجد عند أبي حنيفة من غير حاجة. وقال الشافعي: تعتبر الحاجة، ومع الحاجة لا يجوز دخول المسجد الحرام. وقال عطاء بن أبي رباح: الحرم كله قبلة ومسجد، فينبغي أن يمنعوا من دخول