لا بأس بذلك إذا كان حكم الاسلام هو الغالب، وإنما تكره الاستعانة بهم إذا كان حكم الشرك هو الظاهر. وقد مضى القول في الاسهام لهم في " الأنفال " (1) الثالثة - قوله تعالى (ويوم حنين) " حنين " واد بين مكة والطائف، وانصرف لأنه اسم مذكر، وهي لغة القرآن. ومن العرب من لا يصرفه، يجعله اسما للبقعة. وأنشد:
نصروا نبيهم وشدوا أزره * بحنين يوم تواكل الابطال (2) " ويوم " ظرف، وانتصب هنا على معنى: ونصركم يوم حنين. وقال الفراء: لم تنصرف " مواطن " لأنه ليس لها نظير في المفرد وليس لها جماع، إلا أن الشاعر ربما اضطر فجمع، وليس يجوز في الكلام كلما يجوز في الشعر. وأنشد:
* فهن يعلكن حدائداتها * وقال النحاس: رأيت أبا إسحاق يتعجب من هذا قال: أخذ قول الخليل وأخطأ فيه، لان الخليل يقول فيه: لم ينصرف لأنه جمع لا نظير له في الواحد، ولا يجمع جمع التكسير، وأما بالألف والتاء فلا يمتنع.
الرابعة - قوله تعالى: (إذ أعجبتكم كثرتكم) قيل: كانوا اثني عشر ألفا.
وقيل: أحد عشر ألفا وخمسمائة. وقيل: ستة عشر ألفا. فقال بعضهم: لن نغلب اليوم عن قلة. فوكلوا إلى هذه الكلمة، فكان ما ذكرناه من الهزيمة في الابتداء إلى أن تراجعوا، فكان النصر والظفر للمسلمين ببركة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم. فبين الله عز وجل في هذه الآية أن الغلبة إنما تكون بنصر الله لا بالكثرة وقد قال: " وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده " (3) [آل عمران: 160].
الخامسة - قوله تعالى: (وضاقت عليكم الأرض بما رحبت) أي من الخوف، كما قال:
كأن بلاد الله وهي عريضة * على الخائف المطلوب كفة حابل (4)