قال: أخبرنا يحيى قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: لما كان يوم بدر جئ بالأسارى وفيهم العباس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما ترون في هؤلاء الأسارى) فقال أبو بكر: يا رسول الله قومك وأهلك، استبقهم لعل الله أن يتوب عليهم. وقال عمر: كذبوك وأخرجوك وقاتلوك، قدمهم فأضرب أعناقهم.
وقال عبد الله بن رواحة: أنظر واديا كثير الحطب فأضرمه عليهم. فقال العباس وهو يسمع:
قطعت رحمك. قال: فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرد عليهم شيئا. فقال أناس:
يأخذ بقول أبي بكر رضي الله عنه. وقال أناس: يأخذ بقول عمر. وقال أناس: يأخذ بقول عبد الله بن رواحة. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إن الله ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللبن ويشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة). مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم قال " فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم " (1) [إبراهيم: 36] ومثلك يا أبا بكر مثل عيسى إذ قال " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " (2) [المائدة: 118]. ومثلك يا عمر كمثل نوح عليه السلام إذ قال " رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا " (3) [نوح: 26]. ومثلك يا عمر مثل موسى عليه السلام إذ قال " ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم " (4) [يونس: 88] أنتم عالة فلا ينفلتن أحد إلا بفداء أو ضربة عنق). فقال عبد الله: إلا سهيل بن بيضاء فإني سمعته يذكر الاسلام. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فما رأيتني أخوف أن تقع علي الحجارة من السماء مني في ذلك اليوم. فأنزل الله عز وجل: " ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض " إلى آخر الآيتين. في رواية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن كاد ليصيبنا في خلاف ابن الخطاب عذاب ولو نزل عذاب ما أفلت إلا عمر). وروى أبو داود عن عمر قال: لما كان يوم بدر وأخذ - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - الفداء، أنزل الله عز وجل " ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض " إلى قوله " لمسكم فيما أخذتم - من الفداء - عذاب عظيم " [الأنفال: 68]. ثم أحل الغنائم. وذكر القشيري أن سعد بن معاذ قال: يا رسول الله، إنه أول وقعة لنا مع المشركين