الأولى - قوله تعالى: (يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الاسرى) قيل: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وقيل: له وحده. وقال ابن عباس رضي الله عنه:
الاسرى في هذه الآية عباس وأصحابه. قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أمنا بما جئت به، ونشهد أنك رسول الله، لننصحن لك على قومك، فنزلت هذه الآية. وقد تقدم بطلان هذا من قول مالك. وفي مصنف أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة. وعن ابن إسحاق: بعثت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أسراهم، ففدى كل قوم أسيرهم بما رضوا. وقال العباس: يا رسول الله، إني قد كنت مسلما. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الله أعلم بإسلامك فإن يكن كما تقول فالله يجزيك بذلك فأما ظاهر أمرك فكان علينا فافد نفسك وابني أخويك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب وحليفك عتبة بن عمرو أخا بني الحارث بن فهر). وقال: ما ذاك عندي يا رسول الله. قال: (فأين المال الذي دفنته أنت وأم الفضل فقلت لها إن أصبت في سفري هذا فهذا المال لبني الفضل وعبد الله وقثم)؟ فقال: يا رسول الله، إني لاعلم أنك رسول الله، إن هذا لشئ ما علمه غيري وغير أم الفضل، فاحسب لي يا رسول الله ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا ذاك شئ أعطانا الله منك). ففدى نفسه وابني أخويه وحليفه، وأنزل الله فيه: " يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الاسرى " الآية. قال ابن إسحاق:
وكان أكثر الأسارى فداء العباس بن عبد المطلب، لأنه كان رجلا موسرا، فافتدى نفسه بمائة أوقية من ذهب. وفي البخاري: وقال موسى بن عقبة قال ابن شهاب: حدثني أنس بن مالك أن رجالا من الأنصار استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، ائذن لنا فلنترك لابن أختنا عباس فداءه. فقال: (لا والله لا تذرون درهما). وذكر النقاش وغيره أن فداء كل واحد من الأسارى كان أربعين أوقية، إلا العباس فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أضعفوا الفداء على العباس) وكلفه أن يفدي ابني أخويه عقيل بن أبي طالب ونوفل