دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير). قالوا: يا رسول الله، وإن كان فيه؟ قال: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه) ثلاث مرات.
قال: حديث غريب. وقيل: يعود على حفظ العهد والميثاق الذي تضمنه قوله: " إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق ". وهذا وإن لم يفعل فهو الفتنة نفسها. وقيل: يعود على النصر للمسلمين في الدين. وهو معنى القول الثاني. قال ابن إسحاق: جعل الله المهاجرين والأنصار أهل ولايته في الدين دون من سواهم، وجعل الكافرين بعضهم أولياء بعض. ثم قال:
" إلا تفعلوه " وهو أن يتولى المؤمن الكافر دون المؤمنين. " تكن فتنة " أي محنة بالحرب، وما أنجر معها من الغارات والجلاء والأسر. والفساد الكبير: ظهور الشرك. قال الكسائي:
ويجوز النصب في قوله: " تكن فتنة " على معنى تكن فعلتكم فتنة وفسادا كبيرا. (حقا) مصدر، أي حققوا إيمانهم بالهجرة والنصرة. وحقق الله إيمانهم بالبشارة في قوله:
(لهم مغفرة ورزق كريم) أي ثواب عظيم في الجنة.
الخامسة - قوله تعالى: (والذين آمنوا من بعد وهاجروا) يريد من بعد الحديبية وبيعة الرضوان. وذلك أن الهجرة من بعد ذلك كانت أقل رتبة من الهجرة الأولى.
والهجرة الثانية هي التي وقع فيها الصلح، ووضعت الحرب أوزارها نحو عامين ثم كان فتح مكة. ولهذا قال عليه السلام: (لا هجرة بعد الفتح). فبين أن من آمن وهاجر من بعد يلتحق بهم. ومعنى " منكم " أي مثلكم في النصر والموالاة.
السادسة - قوله تعالى: (وأولوا الأرحام) ابتداء. والواحد ذو، والرحم مؤنثة، والجمع أرحام. والمراد بها ها هنا العصبات دون المولود بالرحم. ومما يبين أن المراد بالرحم العصبات قول العرب: وصلتك رحم. لا يريدون قرابة الام. قالت قتيلة بنت الحارث - أخت النضر بن الحارث - كذا قال ابن هشام. قال السهيلي: الصحيح أنها بنت النضر لا أخته، كذا وقع في كتاب الدلائل - ترثي أباها حين قتله النبي صلى الله عليه وسلم صبرا - بالصفراء: (1)