وامسحوا بنواصيها وأكفالها وقلدوها ولا تقلدوها الأوتار (1) وعليكم بكل كميت (2) أغر محجل أو أشقر أغر محجل أو أدهم أغر محجل). وروى الترمذي عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الخيل الأدهم الأقرح الأرثم (3) [ثم الأقرح المحجل] (4) طلق اليمين فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية). ورواه الدارمي عن أبي قتادة أيضا، أن رجلا قال:
يا رسول الله، إني أريد أن أشتري فرسا، فأيها أشتري؟ قال: (أشتر أدهم أرثم محجلا طلق اليد اليمنى أو من الكميت على هذه الشية تغنم وتسلم). وكان صلى الله عليه وسلم يكره الشكال من الخيل. والشكال: أن يكون الفرس في رجله اليمنى بياض وفي يده اليسرى، أو في يده اليمنى ورجله اليسرى. خرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه. ويذكر أن الفرس الذي قتل عليه الحسين بن علي رضي الله عنهما كان أشكل.
الثالثة - فإن قيل: إن قوله " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة " كان يكفي، فلم خص الرمي والخيل بالذكر؟ قيل له: إن الخيل لما كانت أصل الحروب وأوزارها (6) التي عقد الخير في نواصيها، وهي أقوى القوة وأشد العدة وحصون الفرسان، وبها يجال في الميدان، خصها بالذكر تشريفا، وأقسم بغبارها تكريما. فقال: " والعاديات ضبحا " (7) [العاديات: 1] الآية. ولما كانت السهام من أنجع ما يتعاطى في الحروب والنكاية في العدو وأقربها تناولا للأرواح، خصها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذكر لها والتنبيه عليها. ونظير هذا في التنزيل، " وجبريل وميكال " (8) [البقرة: 98] ومثله كثير.
الرابعة - وقد استدل بعض علمائنا بهذه الآية على جواز وقف الخيل والسلاح، واتخاذ الخزائن والخزان لها عدة للأعداء. وقد اختلف العلماء (9) في جواز وقف الحيوان