أي أعجل عقوبة على جزاء مكرهم، أي أن ما يأتيهم من العذاب أسرع في إهلاكهم مما أتوه من المكر. (إن رسلنا يكتبون ما تمكرون) يعني بالرسل الحفظة. وقراءة العامة " تمكرون " بالتاء خطابا. وقرأ يعقوب في رواية رويس وأبو عمرو في رواية هارون العتكي " يمكرون " بالياء، لقوله: " إذا لهم مكر في آياتنا " قيل: قال أبو سفيان قحطنا بل بدعائك فإن سقيتنا صدقناك، فسقوا باستسقائه صلى الله عليه وسلم فلم يؤمنوا، فهذا مكرهم.
قوله تعالى: هو الذي يسير كم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين (22) فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا ثم إلينا مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون (23) قوله تعالى: (هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم) أي يحملكم في البر على الدواب وفي البحر على الفلك. وقال الكلبي: يحفظكم في السير. والآية تتضمن تعديد النعم فيما هي الحال بسبيله من ركوب الناس الدواب والبحر. وقد مضى الكلام في ركوب البحر في " البقرة " (1). " يسير كم " قراءة العامة. ابن عامر " ينشر كم " بالنون والشين، أي يبثكم ويفرقكم. والفلك يقع على الواحد والجمع، ويذكر ويؤنث، وقد تقدم القول فيه (1). وقوله: " وجرين بهم " خروج من الخطاب إلى الغيبة، وهو في القرآن وأشعار العرب كثير، قال النابغة:
يا دار مية بالعلياء فالسند * أقوت وطال عليها سالف الأمد