قوله تعالى: (وإن كذبوك فقل لي عملي) رفع بالابتداء، والمعنى: لي ثواب عملي في التبليغ والانذار والطاعة لله تعالى. (ولكم عملكم) أي جزاؤه من الشرك. (أنتم بريئون مما أعمل وأنا برئ مما تعملون) مثله، أي لا يؤاخذ أحد بذنب الآخر. وهذه الآية منسوخة بآية السيف، في قول مجاهد والكلبي ومقاتل وابن زيد.
قوله تعالى: ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون (42) ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدى العمى ولو كانوا لا يبصرون (43) قوله تعالى: (ومنهم من يستمعون إليك) يريد بظواهرهم، وقلوبهم لا تعي شيئا مما يقوله من الحق ويتلوه من القرآن، ولهذا قال: (أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون) أي لا تسمع، فظاهره الاستفهام ومعناه النفي، وجعلهم كالصم للختم على قلوبهم والطبع عليها، أي لا تقدر على هداية من أصمه الله عن سماع الهدى. وكذا المعنى في: " ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمى ولو كانوا لا يبصرون " أخبر تعالى أن أحدا لا يؤمن إلا بتوفيقه وهدايته. وهذا وما كان مثله يرد على القدرية قولهم، كما تقدم في غير موضع. وقال:
" يستمعون " على معنى " من " و " ينظر " على اللفظ، والمراد تسلية النبي صلى الله عليه وسلم، أي كما لا تقدر أن تسمع من سلب السمع ولا تقدر أن تخلق للأعمى بصرا يهتدي به، فكذلك لا تقدر أن توفق هؤلاء للايمان وقد حكم الله عليهم ألا يؤمنوا. ومعنى: " ينظر إليك " أي يديم النظر إليك، كما قال: " ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت " (1) [الأحزاب: 19].
قيل: إنها نزلت في المستهزئين، والله أعلم.
قوله تعالى: إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون (44)