فاعتبر النصاب لقوله عليه السلام: (أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأرد ها في فقرائكم). وهذا واضح، ورواه المغيرة عن مالك. وقال الثوري وأحمد وإسحاق وغيرهم:
لا يأخذ من له خمسون درهما أو قدرها من الذهب، ولا يعطي منها أكثر من خمسين در هما إلا أن يكون غارما، قاله أحمد وإسحاق. وحجة هذا القول ما رواه الدارقطني عن عبد الله ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحل الصدقة لرجل له خمسون درهما).
في إسناده عبد الرحمن بن إسحاق ضعيف، وعنه بكر بن خنيس ضعيف أيضا. ورواه حكيم ابن جبير عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، وقال: خمسون درهما. وحكيم بن جبير ضعيف تركه شعبة وغيره، قاله الدارقطني رحمه الله. وقال أبو عمر: هذا الحديث يدور على حكيم بن جبير وهو متروك. وعن علي وعبد الله قالا: لا تحل الصدقة لمن له خمسون درهما أو قيمتها من الذهب، ذكره الدارقطني وقال الحسن البصري: لا يأخذ من له أربعون درهما. ورواه الواقدي عن مالك. وحجة هذا القول ما رواه الدارقطني عن عبد الله بن مسعود قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من سأل الناس وهو غني جاء يوم القيامة وفي وجهه كدوح وخدوش). فقيل:
يا رسول الله وما غناؤه؟ قال: (أربعون درهما). وفي حديث مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " من سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا والأوقية أربعون درهما). والمشهور عن مالك ما رواه ابن القاسم عنه أنه سئل: هل يعطى من الزكاة من له أربعون درهما؟ قال نعم. قال أبو عمر: يحتمل أن يكون الأول قويا على الاكتساب حسن التصرف. والثاني ضعيفا عن الاكتساب، أو من له عيال. والله أعلم. وقال الشافعي وأبو ثور. من كان قويا على الكسب والتحرف مع قوة البدن وحسن التصرف حتى يغنيه ذلك عن الناس فالصدقة عليه حرام. واحتج بحديث النبي صلى الله عليه وسلم (لا تحل الصدقة لغنى ولا لذي مرة (1) سوي) رواه عبد الله بن عمر،