الأنباري. وقال قوم: (الحكيم) المانع من الفساد، ومنه سميت حكمة اللجام، لأنها تمنع الفرس من الجري والذهاب في غير قصد. قال جرير:
أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم * إني أخاف عليكم أن أغضبا أي امنعوهم من الفساد. وقال زهير:
القائد الخيل منكوبا دوابرها (1) * قد أحكمت حكمات القد والابقا القد: الجلد. والأبق: القنب (2). والعرب تقول: أحكم اليتيم عن كذا وكذا، يريدون منعه.
والسورة المحكمة: الممنوعة من التغيير وكل التبديل، وأن يلحق بها ما يخرج عنها، ويزاد عليها ما ليس منها، والحكمة من هذا، لأنها تمنع صاحبها من الجهل. ويقال: أحكم الشئ إذا أتقنه ومنعه من الخروج عما يريد. فهو محكم وحكيم على التكثير.
قوله تعالى: قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون (33) قوله تعالى: (قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم) فيه خمس مسائل:
الأولى - قوله تعالى: " أنبئهم بأسمائهم " أمره الله أن يعلمهم بأسمائهم بعد أن عرضهم على الملائكة ليعلموا أنه أعلم بما سألهم عنه تنبيها على فضله وعلو شأنه، فكان أفضل منهم بأن قدمه عليهم وأسجدهم له وجعلهم تلامذته وأمرهم بأن يتعلموا منه. فحصلت له رتبة الجلال والعظمة بأن جعله مسجودا له، مختصا بالعلم.
الثانية - في هذه الآية دليل على فضل العلم وأهله، وفي الحديث: (وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم) أي تخضع وتتواضع وإنما تفعل ذلك (3) لأهل العلم خاصة