إلى الذهن بوضع الجبين على الأرض، فهو أحد مصاديق مفهوم السجود، ولعل هذا هو ما ورد في الروايات من سجود النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند قراءته لهذه الآية.
والسجود في هذه الآية مستحب عند فتاوى فقهاء أهل البيت (عليهم السلام)، فيما يوجب ذلك فقهاء المذاهب الأربع، إلا (مالك)، فإنه يقول بالسجود عند الانتهاء من تلاوة السورة (1).
وتأتي الآية التالية لتقول: بل الذين كفروا يكذبون.
والتعبير عن ممارسة تكذيب الكافرين في الآية بصيغة المضارع المستمر، للإشارة إلى تكذيبهم المتعنت المستمر واصرارهم ولجاجتهم وليس تكذيبهم بسبب ضعف أدلة الحق، بل من أجل روح التعصب الأعمى للأسلاف والدنيا والمصالح المادية والحاكمة على قلوبهم المريضة، وأهوائهم الشيطانية.
وببيان جدي وتهديد جدي، تقول الآية التالية: والله أعلم بما يوعون.
فالله تعالى أعلم بدافع ونية وهدف ذلك التكذيب، ومهما تستروا على ما فعلوا فلا يجزون إلا بما كسبت أيديهم.
" يوعون ": من (الوعاء) وهو الظرف، كما هو مستقى من قول أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة: " إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها ".
ثم...: فبشرهم بعذاب أليم.
عادة ما تستعمل " البشارة " للأخبار السارة، وجاءت هنا لتنم عن نوع من الطعن والتوبيخ.
والحال، إن البشارة الحقة للمؤمنين خالصة بما ينتظرهم من نعيم، وما للكاذبين إلا الغرق في بحر من الحسرة والندم، وما هم إلا في عذاب جهنم