مفصلا) (1).
" ما وسق " (2): إشارة إلى عودة الإنسان والحيوانات والطيور إلى مساكنها عند حلول الليل (بلحاظ كون الوسق بمعنى جمع المتفرق) (3)، فيكون عندها سكنا عاما للكائنات الحية، وهو من أسرار وآثار الليل المهمة، كما أشارت الآية (61) من سورة غافر إلى ذلك: الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه.
إذا اتسق: من (الاتساق)، وهو الاجتماع والإطراد، وتريد الآية به، اكتمال نور القمر في الليلة الرابعة عشر من الشهر القمري، حيث يكون بدرا.
ولا يخفى ما لروعة البدر في تمامه، فنوره الهادئ الرقيق يكسو سطح الأرض، وهو من الرقة واللطافة بحيث لا يكسر ظلمة الليل وسكونه، ولكنه ينير درب سالكيه! فهو آية كبرى من آيات الله، ولذا جاء القسم به.
وينبغي الالتفات إلى الصلة الموجودة فيما أقسمت الآيات بهن: (الشفق، الليل، ما اجتمع فيه، والقمر في حالة البدر) وجميعها موضوعات مترابطة ويكمل بعضها البعض الآخر، وتشكل بمجموعها لوحة فنية طبيعية رائعة، وتحرك عند الانسان التأمل والتفكير في عظمة ودقة وقدرة الخالق في خلقه، ويمكن للإنسان العاقل بتأمل هذه التحولات السريعة من التوجه إلى قدرته جل شأنه على المعاد ما يحمل بين طياته من تغيرات في عالم الوجود.
والأمر المثير هو أن القرآن الكريم يشير هنا إلى أمور متتابعة الوقوع، فعندما تغيب الشمس يظهر الشفق معلنا عن بداية حلول الليل، الذي تتجه الكائنات الحية فيه إلى بيوتها، ثم يخرج القمر بدرا تاما (علما بأن البدر في ليلة تمامه يخرج مع