النبوة والرسالة قبل البعثة، وبعبارة أخرى لم يكن النبي مالكا لشئ في ذاته الوجودية، وما كان عنده فمن الله، وبهذا المعنى يندفع كل إشكال أيضا.
ووجدك عائلا فأغنى (1).
لقد جعلناك تستأثر باهتمام " خديجة " هذه المرأة المخلصة الوفية لتضع كل ثروتها تحت تصرفك ومن أجل تحقيق أهدافك، وبعد ظهور الإسلام رزقك مغانم كثيرة في الحروب ساعدتك في تحقيق أهدافك الرسالية الكبرى.
وعن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) في تفسير هذه الآيات قال: " ألم يجدك يتيما فآوى، قال: فردا لا مثيل في المخلوقين، فآوى الناس إليك. ووجدك ضالا أي ضالة في قوم لا يعرفون فضلك فهداهم إليك. ووجدك عائلا، تعول أقواما بالعلم فأغناهم بك " (2).
هذه الرواية تتحدث طبعا عن بطون الآية، وإلا فإن ظاهرها هو ما ذكرناه.
ولا يتصورن أحد أن تفسير الآيات بظاهرها يحط من مكانة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أو يضفي عليه صفات سلبية من قبل الباري تعالى، بل إنها في الواقع بيان ما أغدق الله على نبيه من ألطاف واكرام واحترام، حين يتحدث المحبوب عن ألطافه بحق العاشق الواله، فإن حديثه هذا هو عين اللطف والمحبة، وهو دليل على عنايته الخاصة، والعاشق بسماعه هذه الألفاظ تسري في جسده روح جديدة، وتصفو نفسه ويغمر قلبه سكينة وهدوء.
في الآيات التالية ثلاثة أوامر تصدر إلى الرسول باعتبارها نتيجة الآيات السابقة... والخطاب، وإن كان متجها إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإنه يشمل أيضا كل المسلمين.