والتوحيد والطهر والتقوى عن النبي، بل بقرينة الآيات التي أشرنا إليها تعني نفي العلم بأسرار النبوة وبأحكام الإسلام، وتعني عدم معرفة هذه الحقائق، كما أكد على ذلك كثير من المفسرين. لكنه (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد البعثة اهتدى إلى هذه الأمور بعون الله تعالى. (تأمل بدقة).
في الآية (282) من سورة البقرة، عند ذكر الشهادة وسبب استشهاد أكثر من شاهدة واحدة في كتابة عقود الدين يقول سبحانه: أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى.
والضلالة في هذه الآية تعني " النسيان " بقرينة قوله " فتذكر ".
وفي الآية تفاسير أخرى من ذلك.
إنك كنت خامل الذكر غير معروف، والله أنعم عليك من المواهب الفريدة مما جعلك معروفا في كل مكان.
ومن هذه التفاسير، إنك تهت وضللت الطريق مرات في عهد الطفولة (مرة في شعاب مكة حين كنت في حماية عبد المطلب، ومرة حين كانت حليمة السعدية تأتي بك إلى مكة لتسلمك إلى عبد المطلب فتهت في الطريق. مرة ثالثة حين كنت برفقة عمك أبي طالب ضمن قافلة متجهة إلى الشام فضللت الطريق في ليلة ظلماء والله سبحانه هداك في كل هذه المرات وأعادك إلى حضن جدك أو عمك).
ويذكر أن كلمة " ضال " تعني " المفقود " وتعني " التائه ". ففي عبارة: " الحكمة ضالة المؤمن "، الضالة تعني الشئ المفقود.
ومن ذلك جاءت هذه المفردة أيضا بمعنى المخفي والغائب ولذا ورد في الآية (10) من سورة السجدة قوله تعالى على لسان منكري المعاد: أإذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد، أي أإذا غبنا واختفينا في بطن الأرض.
وإذا كانت كلمة " ضالا " في الآية تعني " المفقود " فلا يبرز إشكال في الموضوع... ولكن إذا كانت بمعنى " التائه " فالمقصود منها عدم الاهتداء إلى طريق