وفي رواية عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنه قال: " كان أمير المؤمنين (عليه السلام) بالكوفة يغتدي كل يوم بكرة من القصر، فيطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا، ومعه الدرة على عاتقه (لمعاقبة المخالفين)، فينادي: يا معشر التجار اتقوا الله عز وجل، فإذا سمعوا صوته (عليه السلام) ألقوا ما بأيديهم، وأرعوا إليه بقلوبهم، وسمعوا بآذانهم، فيقول (عليه السلام): قدموا الاستخارة، وتبركوا بالسهولة، واقتربوا من المبتاعين، وتزينوا بالحلم، وتناهوا عن اليمين، وجانبوا الكذب، وتجافوا عن الظلم، وانصفوا المظلومين، ولا تقربوا الربا، وأوفوا الكيل والميزان، ولا تبخسوا الناس أشياءهم، ولا تعثوا في الأرض مفسدين، فيطوف (عليه السلام) في جميع أسواق الكوفة ثم يرجع فيقعد للناس " (1).
وبشأن نزول الآيات، قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): " ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات واخذوا بالسنين ".
وزبدة ما تقدم: يعتبر التطفيف في الميزان من العوامل الأساسية في عذاب وهلاك بعض الأمم السالفة، حيث أدى ذلك إلى اختلال النظام الاقتصادي عندهم من جهة، وإلى نزول العذاب الإلهي عليهم من جهة أخرى.
وقد حثت الروايات الواردة في خصوص آداب التجارة على الأخذ ناقصا والعطاء راجحا، أي بعكس سلوكية من ذمتهم الآيات المبحوثة، فهم يأخذون بدقة ويعطون ناقصا. (2) وكما قلنا في تفسير الآية، فثمة من يذهب إلى أن مفهوم التطفيف أوسع من أن يحدد بالكيل والميزان، ويمتد ليشمل أي انقاص في عمل، وأي تقصير في أداء وظيفة فردية أو اجتماعية أو إلهية.
* * *