وما نستفيده من هذه الرواية هو: إن التطفيف فيه وجه من الكفر.
وتتطرق الآيتين التاليتين إلى طريقة عمل المطففين، فتقول الآية الأولى:
الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون (1).
وتقول الآية الثانية: إذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون وذهب جمع من المفسرين إلى أن الآية أرادت ب " المطفف " من يأخذ عند الشراء أكثر من حقه، ويعطي عند البيع أقل من الحق الذي عليه، وال " ويل " إنما جاء بلحاظ هاتين الجهتين.
ولكن ما ذهب أولئك المفسرون غير صحيح، بدلالة " يستوفون " التي تعني أخذهم بالكامل، وليس ثمة ما يدل على أخذهم أكثر من حقهم، ويمكننا توجيه (الذم) الحاصل، باعتبار أخذهم حقهم كاملا عند الشراء، وينقصون من حق الآخرين عند البيع، كمن يريد أن يذم شخصا بقوله: ما أغربك من رجل، تراك تأتي في الموعد المقرر عندما تكون دائنا، وتتهرب من أداء ما عليك عندما تكون مدينا.
فأخذ الحق في موعده المقرر ليس عملا سيئا، ولكن حصول الحالتين (أعلاه) في شخص واحد هو الشئ.
وقد جاء ذكر " الكيل " في الآيتين عند حالة الشراء، وذكر " الكيل " و " الوزن " عند حالة البيع، وربما يرجع ذلك لأحد سببين:
الأول: كان تجار تلك الأزمان الكبار يستعملون (المكيال) عند شرائهم للكميات الكبيرة من المواد، لأنه لم يكن عندهم ميزان كبير يستوعب تلك المواد الكثيرة.
(وقيل: إن (الكر)، كان في الأصل اسما لمكيال كبير.. والكر: مصطلح