باهرة، إلا إنهم يؤكدون على أن ما بقي خافي عليهم، هو أكثر بكثير مما توصلوا لمعرفته!
وتشير الآية التالية إلى النباتات، وما يخص غذاء الحيوانات منها: والذي أخرج المرعى.
واستعمال كلمة أخرج فيه وصف جميل لعملية تكون النباتات، حيث إنه يتضمن وجودها داخل الأرض فأخرجها الباري منها.
ومما لا شك فيه إن التغذية الحيوانية هي مقدمة لتغذية الإنسان، وبالنتيجة فإن فائدة عملية تغذية الحيوان تعود إلى الإنسان.
ثم: فجعله غثاء أحوى.
" الغثاء ": هو ما يطفح ويتفرق من النبات اليابس على سطح الماء الجاري، ويطلق أيضا على ما يطفح على سطح القدر عند الطبخ، ويستعمل كناية عن: كل ضائع ومفقود، وجاء في الآية بمعنى: النبات اليابس المتراكم.
" أحوى ": من (الحوة) - على زنة قوة - وهي شدة الخضرة، أو شدة السواد، وكلاهما من أصل واحد، لأن الخضرة لو اشتدت قربت من السواد، وجاء في الآية بمعنى: تجمع النبات اليابس وتراكمه حتى يتحول لونه تدريجيا إلى السواد.
ويمكن أن يكون اختيار هذا التعبير في مقام بيان النعم الإلهية، لأحد أسباب ثلاث:
الأول: إن حال هذه النباتات يشير بشكل غير مباشر إلى فناء الدنيا، لتكون دوما درسا وعبرة للإنسان، فهي بعد أن تنمو وتخضر في الربيع، شيئا فشيئا ستيبس وتموت بعد مرور الأيام عليها، حتى يتحول جمالها الزاهي في فصل الربيع إلى سواد قاتم، ولسان حالها يقول بعدم دوام الدنيا وانقضائها السريع.
الثاني: إن النباتات اليابسة عندما تتراكم، فستتحول بمرور الوقت إلى سماد طبيعي، ليعطي الأرض القدرة اللازمة لإخراج نباتات جديدة أخرى