وقوله: " كلا إنها كلمة هو قائلها " أي لا يرجع إلى الدنيا إن هذه الكمة " ارجعوني لعلي أعمل صالحا فيما تركت " كلمة هو قائلها أي لا أثر لها إلا أنها كلمة هو قائلها، فهو كناية عن عدم إجابة مسألته.
قوله تعالى: " ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون " البرزخ هو الحاجز بين الشيئين كما في قوله: " بينهما برزخ لا يبغيان " الرحمان: 20، والمراد بكونه وراءهم كونه أمامهم محيطا بهم وسمي وراءهم بعناية أنه يطلبهم كما أن مستقبل الزمان أمام الانسان ويقال: وراءك يوم كذا بعناية أن الزمان يطلب الانسان ليمر عليه وهذا معنى قول بعضهم: إن في " وراء " معنى الإحاطة، قال تعالى: " وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا " الكهف: 79.
والمراد بهذا البرزخ عالم القبر وهو عالم المثال الذي يعيش فيه الانسان بعد موته إلى قيام الساعة على ما يعطيه السياق وتدل عليه آيات أخر وتكاثرت فيه الروايات من طرق الشيعة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل البيت عليهم السلام وكذا من طرق أهل السنة، وقد تقدم البحث عنه في الجزء الأول من الكتاب.
وقيل: المراد بالآية أن بينهم وبين الدنيا حاجزا يمنعهم من الرجوع إليها إلى يوم القيامة ومعلوم أن لا رجوع بعد القيامة ففيه تأكيد لعدم رجوعهم وإيآس لهم من الرجوع إليها من أصله.
وفيه أن ظاهر السياق الدلالة على استقرار الحاجز بين الدنيا وبين يوم يبعثون لا بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا، ولو كان المراد أن الموت حاجز بينهم وبين الرجوع إلى الدنيا لغى التقييد بقوله: " إلى يوم يبعثون " لا لدلالته من طريق المفهوم على رجوعهم بعد البعث إلى الدنيا ولا رجوع بعد البعث بل للغوية أصل التقييد وإن فرض أنهم كانوا يعلمون من الخارج أو من آيات سابقة أن لا رجوع بعد القيامة.
على أن قولهم: إنه تأكيد لعدم الرجوع بإيآسهم من الرجوع مطلقا مع قولهم بأن عدم الرجوع بعد القيامة معلوم من خارج كالمتهافتين بل يرجع المعنى إلى تأكيد نفي الرجوع مطلقا المفهوم من " كلا " بنفي الرجوع الموقت المحدود بقوله: " إلى يوم يبعثون " فافهمه.
قوله تعالى: " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون " المراد به