وهو الطمع، وآخرون يعبدونه فرقا من النار فتلك عبادة العبيد وهي الرهبة، ولكني أعبده حبا له فتلك عبادة الكرام وهو الامن لقوله تعالى: (وهم من فزع يومئذ آمنون)، ولقوله: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم) فمن أحب الله أحبه الله ومن أحبه الله كان الآمنين أقول: لازم ما فيه من الاستدلال تفسير الحسنة في الآية بالولاية التي هي عبادته تعالى من طريق المحبة الموجبة لفناء إرادة العبد في إرادته وتوليه تعالى بنفسه أمر عبده وتصرفه فيه وهذا أحد معنيي ولاية علي عليه السلام فهو عليه السلام صاحب الولاية وأول فاتح لهذا الباب من الأمة وبه يمكن أن يفسر أكثر الروايات الواردة في أن المراد بالحسنة في الآية ولاية علي عليه السلام.
وفي الدر المنثور أخرج أبو الشيخ وابن مردويه والديلمي عن كعب بن عجرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قول الله: (من جاء بالحسنة فله خير منها) يعني بها شهادة أن لا إله إلا الله، ومن جاء بالسيئة يعني بها الشرك يقال: هذه تنجي وهذه تردي.
أقول: وهذا المعنى مروي عنه صلى الله عليه وآله وسلم بألفاظ مختلفة من طرق شتى وينبغي تقييد تفسير الحسنة بلا إله إلا الله بسائر الأحكام الشرعية التي هي من لوازم التوحيد وإلا لغى تشريعها وهو ظاهر.
وفي تفسير القمي في قوله تعالى: (إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها) قال: مكة.
وفيه عن أبيه عن حماد بن عيسى عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة يوم افتتحها فتح باب الكعبة فأمر بصور في الكعبة فطمست فأخذ بعضادتي الباب فقال: ألا أن الله قد حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام بحرام الله إلى يوم القيامة لا ينفر صيدها ويعضد شجرها ولا يختلي خلالها ولا تحل لقطتها إلا لمنشد.
فقال العباس: يا رسول الله الا الإذخر فإنه للقبر والبيوت فقال رسول الله إلا الإذخر.
أقول: وهو مروي من طرق أهل السنة أيضا.
وفي الدر المنثور أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ما كان في القرآن (وما الله بغافل عما تعملون) بالتاء، وما كان (وما ربك بغافل عما يعملون) بالياء.
تم والحمد لله