تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٦٤
قوله تعالى: " عالم الغيب والشهادة فتعالى عما يشركون " صفة لاسم الجلالة في قوله: " سبحان الله عما يصفون " وتأخيرها للدلالة على علمه بتنزهه عن وصفهم إياه بالشركة - على ما يعليه السياق - فيكون في معنى قوله: " قل أتنبؤن الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون " يونس: 18.
ويرجع في الحقيقة إلى الاحتجاج على نفي الشركاء بشهادته تعالى أنه لا يعلم لنفسه شريكا كما أن قوله: شهد الله أنه لا إله إلا هو " آل عمران: 18 إحتجاج بالشهادة على نفي أصل الوجود.
وقيل إنه برهان آخر راجع إلى إثبات العلو أو لزوم الجهل الذي هو نقص وضد العلو لان المتعددين لا سبيل لهما إلى أن يعلم كل واحد حقيقة الآخر كعلم ذلك الآخر بنفسه بالضرورة وهو نوع جهل وقصورة. انتهى. و فيه أن ذلك كسائر ما قرروه من البراهين ينفي تعدد الاله الواجب الوجود بالذات، والوثنيون لا يلتزمون في آلهتهم من دون الله بذلك. على أن بعض مقدمات ما قرر من الدليل ممنوع.
وقوله: " فتعالى عما يشركون " تفريع على جميع ما تقدم من الحجج على نفي الشركاء.
قوله تعالى: " قل رب إما تريني ما توعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين " لما فرغ من نقل ما تفوهوا به من الشرك بالله وإنكار البعث والاستهزاء بالرسل وأقام الحجج على إثبات حقيتها رجع إلى ما تقدم من تهديدهم بالعذاب فأمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يسأله أن ينجيه من العذاب الذي أوعدهم به إن أراه ذلك العذاب.
فقوله: " قل رب إما تريني ما يوعدون " أمر بالدعاء والاستغاثة، وتكرار " رب " لتأكيد التضرع وما في قوله: " إما تريني " زائدة وهي المصححة لدخول نون التأكيد على الشرط وأصله: أن ترني. وفي قوله: " ما يوعدون " دلالة على أن بعض ما تقدم في السورة من الايعاد بالعذاب إيعاد بعذاب دنيوي. وما في قوله: " رب فلا تجعلني في القوم الظالمين " من الكون فيهم كناية عن شمول عذابهم له.
قوله تعالى: " وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون " تطييب لنفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»
الفهرست