قوله تعالى: " أفرأيت إن متعناهم سنين - إلى قوله - يمتعون " متصل بقوله:
" فيقولوا هل نحن منظرون " ومحصل المعنى أن تمني الامهال والانظار تمني أمر لا ينفعهم لو وقع على ما يتمنونه ولم يغن عنهم شيئا لو أجيبوا إلى ما سألوه فإن تمتيعهم أمدا محدودا طال أو قصر لا يرفع العذاب الخالد الذي قضي في حقهم.
وهو قوله: " أفرأيت إن متعناهم سنين " معدودة ستنقضي " ثم جاءهم ما كانوا يوعدون " من العذاب بعد انقضاء سني الانظار والامهال " ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون " أي تمتيعهم أمدا محدودا.
قوله تعالى: " وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكري " الخ، الأقرب أن يكون قوله: " لها منذرون " حالا من " قرية " وقوله: " ذكرى " حالا من ضمير الجمع في " منذرون " أو مفعولا مطلقا عامله " منذرون " لكونه في معنى مذكرون والمعنى ظاهر، قيل غير ذلك مما لا جدوى في ذكره وإطالة البحث عنه.
وقوله: " وما كنا ظالمين " ورود النفي على الكون دون ان يقال: وما ظلمناهم ونحو ذلك يفيد نفي الشأنية أي وما كان من شأننا ولا المترقب منا ان نظلمهم.
والجملة في مقام التعليل للحصر السابق والمعنى: ما أهلكنا من قرية إلا في حال لها منذرون مذكرون تتم بهم الحجة عليهم لأنا لو أهلكناهم في غير هذه الحال لكنا ظالمين لهم وليس من شأننا أن نظلم أحدا فالآية في معنى قوله تعالى: " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " أسرى: 15.
(كلام في معنى نفى الظلم عنه تعالى) من لوازم معنى الظلم المتساوية له فعل الفاعل وتصرفه ما لا يملكه من الفعل والتصرف، ويقابله العدل ولازمه أنه فعل الفاعل وتصرفه ما يملكه.
ومن هنا يظهر ان أفعال الفواعل التكوينية من حيث هي مملوكة لها تكوينا لا يتحقق فيها معنى الظلم لان فرض صدور الفعل عن فاعله تكوينا مساوق لكونه مملوكا له بمعنى قيام وجوده به قياما لا يستقل دونه.