تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٧٢
الفوز وكنتم تسخرون وتضحكون منهم حتى تركتموه وبدلتموه من سخريتهم حتى إذا كان اليوم وهو يوم جزاء لا يوم عمل فازوا بجزاء ما عملوا يوم العمل وبقيتم صفر الأكف تريدون أن تتوسلوا بالعمل اليوم وهو يوم الجزاء دون العمل.
قوله تعالى: " قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين " مما يسأل الله الناس عنه يوم القيامة مدة لبثهم في الأرض وقد ذكر في مواضع من كلامه والمراد به السؤال عن مدة لبثهم في القبور كما يدل عليه قوله تعالى: " ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة " الروم: 55، وقوله: " كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار " الأحقاف: 35 وغيرهما من الآيات، فلا محل لقول بعضهم: إن المراد به المكث في الدنيا، واحتمال بعضهم أنه مجموع اللبث في الدنيا والبرزخ.
قوله تعالى: " قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فأسال العادين " ظاهر السياق أن المراد باليوم هو الواحد من أيام الدنيا وقد استقلوا اللبث في الأرض حينما قايسوه بالبقاء الأبدي الذي يلوح لهم يوم القيامة ويعاينونه.
ويؤيده ما وقع في موضع آخر من تقديرهم ذلك بالساعة، وفي موضع آخر بعشية أو ضحاها.
وقوله: " فاسأل العادين " أي نحن لا نحسن إحصاءها فاسأل الذين يعدونه وفسر بالملائكة العادين للأيام وليس ببعيد.
قوله تعالى: " قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون " القائل هو الله سبحانه، وفي الكلام تصديق لهم في استقلالهم المكث في القبور وفيه توطئة لما يلحق به من قوله: " لو أنكم كنتم تعلمون " بما فيه من التمني.
والمعنى: قال الله: الامر كما قلتم فما مكثتم إلا قليلا فليتكم كنتم تعلمون في الدنيا أنكم لا تلبثون في قبوركم إلا قليلا ثم تبعثون حتى لا تنكروا البعث ولم تبتلوا بهذا العذاب الخالد، والتمني في كلامه تعالى كالترجي راجع إلى المخاطب أو المقام.
وجعل بعضهم " لو " في الآية شرطية والجملة شرطا محذوف الجزاء وتكلف في تصحيح الكلام بما لا يرتضيه الذوق السليم وهو بعيد عن السياق كما هو ظاهر وأبعد منه جعل " لو " وصلية مع أن " لو " الوصلية لا تجئ بغير وأو العطف.
قوله تعالى: " أفحسبتم انما خلقناكم عبثا - إلى قوله - رب العرش الكريم -
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست