وما قيل: إن عطف " أهلك " على " زوجين " يفسد المعنى المراد لرجوع التقدير حينئذ إلى قولنا: واسلك فيها من كل نوع أهلك فالأولى تقدير " اسلك " ثانيا قبل " أهلك " وعطفه على " فاسلك ". يدفعه أن " من كل " في موضع الحال من " زوجين " فهو متأخر عنه رتبة كما قدمنا تقديره فلا يعود ثانيا على المعطوف.
والمراد بالأهل خاصته، والظاهر أنهم أهل بيته والمؤمنون به فقد ذكرهم في سورة هود مع الاهل ولم يذكر ههنا إلا الاهل فقط.
والمراد بمن سبق عليه القول منهم امرأته الكافرة على ما فهم نوح عليه السلام وهي وابنه الذي أبي ركوب السفينة وغرق حينما أوى إلى جبل في الحقيقة، وسبق القول هو القضاء المحتوم بالغرق.
قوله: " ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون " النهي عن مخاطبته تعالى كناية عن النهي الشديد عن الشفاعة لهم، بدليل تعليق المخاطبة بالذين ظلموا وتعليل النهي بقوله: " إنهم مغرقون " فكأنه قيل: أنهاك عن أصل تكليمي فيهم فضلا أن تشفع لهم فقد شملهم غضبي شمولا لا يدفعه دافع.
قوله تعالى: " فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل " إلى آخر الآيتين علمه أن يحمد الله بعد الاستواء على الفلك على تنجيته تعالى من القوم الظالمين وهذا بيان بعد بيان لكونهم هالكين مغرقين حتما، وأن يسأله أن ينجيه من الطوفان وينزله على الأرض إنزالا مباركا ذا خير كثير ثابت فإنه خير المنزلين.
وفي أمره عليه السلام أن يحمده ويصفه بالجميل دليل على أنه من عباده المخلصين فإنه تعالى مزه عما يصفه غير هم كما قال: " سبحان الله عما يصفون إلا عباد الله المخلصون " الصافات: 160.
وقد اكتفى سبحانه في القصة بإخباره عن حكمه بغرقهم وأنهم مغرقون حتما ولم يذكر خبر غرقهم إيماء إلى أنهم آل بهم الامر إلى أن لا خبر عنهم بعد ذلك، واعظاما للقدرة وتهويلا للسخطة وتحقيرا لهم واستهانة بأمرهم، فالسكوت في هذه القصة عن هلاكهم أبلغ من قوله في القصة الآتية: " وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون " من وجوه.
قوله تعالى: " إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين " خطاب في آخر القصة للنبي