تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٢١٩
(بحث روائي) في العيون بإسناده عن أبي الصلت الهروي عن الرضا عن أمير المؤمنين عليهما السلام حديث طويل يذكر فيه قصة أصحاب الرس، ملخصه أنهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبرة يقال لها شاه درخت كان يافث بن نوح غرسها بعد الطوفان على شفير عين يقال لها: روشن آب وكان لهم اثنتا عشرة قرية معمورة على شاطئ نهر يقال له الرس يسمين بأسماء: أبان، آذر، دي، بهمن، إسفندار، فروردين، أردي بهشت، خرداد، مرداد، تير، مهر، شهريور، ومنها أشتق العجم أسماء شهورهم.
وقد غرسوا في كل قرية منها من طلع تلك الصنوبرة حبة. أجروا عليها نهرا من العين التي عند الصنوبرة، وحرموا شرب مائها على أنفسهم وأنعامهم ومن شرب منه قتلوه ويقولون: إنه حياة الآلهة فلا ينبغي لاحد أن ينقص حياتها.
وقد جعلوا في كل شهر من السنة يوما في كل قرية عيدا يخرجون فيه إلى الصنوبرة التي خارج القرية يقربون إليها القرابين ويذبحون الذبائح ثم يحرقونها في نار أضرموها فيسجدون للشجرة عند إرتفاع دخانها سطوعه في السماء ويبكون ويتضرعون والشيطان يكلمهم من الشجرة.
وهذا دأبهم في القري حتى إذا كان يوم عيد قريتهم العظمى التي كان يسكنها ملكهم واسمها اسفندار اجتمع إليها أهل القرى جميعا وعيدوا اثني عشر يوما، وجاؤا بأكثر ما يستطيعونه من القرابين والعبادات للشجرة وكلمهم إبليس وهو يعدهم ويمنيهم أكثر مما كان من الشياطين في سائر الأعياد من سائر الشجر.
ولما طال منهم الكفر بالله وعبادة الشجرة بعث الله إليهم رسولا من بني إسرائيل من ولد يهودا فدعاهم إلى عباده الله وترك الشرك برهه فلم يؤمنوا فدعا على الشجرة فيبست فلما رأوا ذلك ساءهم فقال بعضهم: إن هذا الرجل سحر آلهتنا، وقال آخرون: إن آلهتنا غضبت علينا بذلك لما رأت هذا الرجل يدعونا إلى الكفر بها فتركناه وشأنه من غير أن نغضب عليه لآلهتنا.
فاجتمعت آراؤهم على قتله فحفروا بئرا عميقا وألقوه فيها وشدوا رأسها فلم
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»
الفهرست