تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٢١٧
في مجمع البيان: التدمير الاهلاك الامر عجيب، ومنه التنكيل يقال: دمر على فلان إذا هجم عليه بالمكروه. انتهى.
والمراد بالآيات آيات الآفاق والأنفس الدالة على التوحيد التي كذبوا بها، وذكر أبو السعود في تفسيره أن الآيات هي المعجزات التسع المفصلات الظاهرة على يدي موسى ع ولم يوصف القوم لهما عند إرسالهما إليهم بهذا الوصف ضرورة تأخر تكذيب الآيات عن إظهارها المتأخر عن ذهابهما المتأخر عن الامر به بل إنما وصفوا بذلك عند الحكاية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيانا لعلة استحقاقهم لما يحكي بعده من التدمير أي فذهبا إليهم فأرياهم آياتنا كلها فكذبوها تكذيبا مستمرا فدمرناهم. انتهى. وهو حسن لو تعين حمل الآيات على آيات موسى عليه السلام.
ووجه اتصال الآيتين بما قبلهما هو تهديد القادحين في كتاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورسالته بتنظير الامر بأمر موسى حيث آتاه الله الكتاب وأرسله مع أخيه إلى قوم فرعون فكذبوه فدمرهم تدميرا.
ولهذه النكتة قدم ذكر إيتاء الكتاب على إرسالهما إلى القوم وتدميرهم مع أن التوراة إنما نزلت بعد غرق فرعون وجنوده فلم يكن الغرض من القصة إلا الإشارة إلى إيتاء الكتاب والرسالة موسى وتدمير القوم بالتكذيب.
وقيل: الآيتان متصلتان بقوله تعالى قبل: " وكفى بربك هاديا ونصيرا " وهو بعيد.
قوله تعالى: " وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية وأعتدنا للظالمين عذابا أليما " الظاهر أن قوله: " قوم نوح " منصوب بفعل مقدر يدل عليه قوله: " أغرقناهم ".
والمراد بتكذيبهم الرسل تكذيبهم نوحا فإن تكذيب الواحد من رسل الله تكذيب لجميع لاتفاقهم على كلمة الحق. على أن هؤلاء الأمم كانوا أقواما وثنيين وهم ينكرون النبوة ويكذبون الرسالة من رأس.
وقوله: " وجعلناهم للناس آية " أي لمن بقي بعدهم من ذراريهم، والباقي ظاهر.
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»
الفهرست