تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ٢١٨
قوله تعالى: " وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا " قال في مجمع البيان: الرس البئر التي لم تطو ذكروا أنهم كانوا قوما بعد ثمود نازلين على بئر أرسل الله إليهم رسولا فكذبوا به فأهلكهم الله، وقيل هو اسم نهر كانوا على شاطئه وفي روايات الشيعة ما يؤيد ذلك.
وقوله: " وعادا " الخ معطوف على " قوم نوح " والتقدير: ودمرنا أو وأهلكنا عادا وثمود وأصحاب الرس " الخ ".
وقوله: " وقرونا بين ذلك كثيرا " القرن أهل عصر واحد وربما يطلق على نفس العصر والإشارة بذلك إلى من مر ذكرهم من الأقوام أولهم قوم نوح وآخرهم أصحاب الرس أو قوم فرعون، والمعنى ودمرنا أو وأهلكنا عادا وهم قوم هود، وثمود وهم قوم صالح، وأصحاب الرس، وقرونا كثيرا متخللين بين هؤلاء الذين ذكرناهم وهم قوم نوح فمن بعدهم.
قوله تعالى: " وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا " كلا منصوب بفعل يدل عليه قوله: " ضربنا له الأمثال " فإن ضرب الأمثال في معنى التذكير والموعظة والانذار، والتتبير التفتيت، ومعنى الآية.
قوله تعالى: " ولقد أتوا على القرية التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا " هذه القرية هي قرية قوم لوط أمطر الله عليهم حجارة من سجيل وقد مر تفصيل قصصهم في السور السابقة.
قوله: " أفلم يكونوا يرونها " استفهام توبيخي فإن القرية كانت على طريق أهل الحجاز إلى الشام.
وقوله: " بل كانوا لا يرجون نشورا " أي لا يخافون معادا أو كانوا آئسين من المعاد، وهذا كقوله تعالى فيما تقدم: " بل كذبوا بالساعة " والمراد به أن المنشأ الأصيل لتكذيبهم بالكتاب والرسالة وعدم اتعاظهم بهذه المواعظ الشافية وعدم اعتبارهم بما يعتبر به المعتبرون أنهم منكرون للمعاد فلا ينجح فيهم دعوة ولا تقع في قلوبهم حكمة ولا موعظة.
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»
الفهرست