" أولئك شر مكانا وأضل سبيلا " وذكر بعضهم أنها متصلة بقوله قبل آيات: " أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا " وقد عرفت ما يلوح من السياق.
وقد اختلفوا أيضا في المراد بحشرهم على وجوههم فقيل: وهو على ظاهره وهو الانتقال مكبوبا، وقيل: هو السحب.
وقيل: هو الانتقال من مكان إلى مكان منكوسا وهو خلاف المشي على الاستقامة وفيه أن الأولى حينئذ التعبير بالحشر على الرؤوس لا على الوجوه، وقد قال تعالى في موضع آخر وهو كتوصيف ما يجري بهذا الحشر: " يوم يسحبون في النار على وجوههم " القمر: 48.
وقيل: المراد به فرط الذلة الهوان والخزي مجازا. وفيه أن المجاز إنما يصار إليه إذا لم يمكن حمل اللفظ على الحقيقة.
وقيل: هو من قول العرب: مر فلان على وجهه إذا لم يدر أين ذهب؟ وفيه أن مرجعه إلى الجهل بالمكان المحشور إليه ولا يناسب ذلك تقييد الحشر في الآية بقوله:
" إلى جهنم ".
وقيل: الكلام كناية أو استعارة تمثيلية، والمراد أنهم يحشرون وقلوبهم متعلقة بالسفليات من الدنيا وزخارفها متوجهة وجوههم إليها. وأورد عليه أنهم هناك في شغل شاغل عن التوجه إلى الدنيا وتعلق القلوب بها، ولعل المراد به بقاء آثار ذلك فيهم وعليهم.
وفيه أن مقتضي آيات تجسم الأعمال كون العذاب ممثلا للتعلق بالدنيا والتوجه نحوها فهم في الحقيقة لا شغل لهم يومئذ إلا ذلك.
قوله تعالى: " ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا " استشهاد على رسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونزول الكتاب عليه قبال تكذيب الكفار به وبكتابه برسالة موسى وإيتائه الكتاب وإشراك هارون في أمره للتخلص إلى ذكر تعذيب آل فرعون وإهلاكهم، ومعنى الآية ظاهر.
قوله تعالى: " فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميرا " قال