تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ١٨٨
الضمير الراجع للدلالة على أن الجزاء بالسعير ثابت في حق كل من كذب بالساعة هم وغيرهم فيه سواء، وعلى أن سبب اعتاد السعير عليه فيهم تكذيبهم بالساعة.
ووضع الساعة ثانيا موضع ضميرها ليكون أنص وأصرح فهو المناسب لمقام التهديد، والسعير النار المشتعلة الملتهبة.
قوله تعالى: " إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا " في المفردات:
الغيظ أشد غضب - إلى أن قال - و التغيظ هو إظهار الغيظ، وقد يكون ذلك مع صوت مسموع كما قال:، سمعوا لها تغيظا وزفيرا " إنتهى، وفيه أيضا: الزفير تردد النفس حتى تنتفخ الضلوع منه، إنتهى.
والآية تمثل حال النار بالنسبة إليهم إذا برزوا لها يوم الجزاء أنها تشتد إذا ظهروا لها كالأسد يزأر إذا رأى فريسته.
قوله تعالى: " وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا " " مكانا " منصوب بتقدير في، والثبور الويل والهلاك.
والتقرين التصفيد بالاغلال والسلاسل وقيل: هو جعلهم مع قرناء الشياطين وهو بعيد من اللفظ. والمعنى وإذا ألقوا يوم الجزاء في مكان ضيق من النار وهم مصفدون بالاغلال دعوا هنالك ثبورا لا يوصف وهو قولهم: وا ثبوراه.
قوله تعالى: " لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا " الاستغاثة بالويل والثبور نوع احتيال للتخلص من الشدة وإذ كان اليوم يوم الجزاء فحسب لا ينفع فيه عمل ولا يجدي فيه سبب البتة لم ينفعهم الدعاء بالثبور أصلا ولذا قال تعالى:
" لا تدعوا اليوم " الخ، فهو كناية عن أن الثبور لا ينفعكم اليوم سواء استقللتم منه أو استكثرتم. فهو في معنى قوله تعالى: " اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم " الطور: 16، وقوله حكاية عنهم: " سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص " إبراهيم: 21.
وقيل: المراد أن عذابكم طويل مؤبد لا ينقطع بثبور واحد بل يحتاج إلى ثبورات كثيرة. وهو بعيد.
قوله تعالى: " قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون - إلى قوله -
(١٨٨)
مفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست