تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٥ - الصفحة ١٩٩
فكأنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنك ترى أن الله ربك وقد نحن إليك فخصك بالمشافهة والتكليم، وأنه ربنا، فليحن إلينا وليشافهنا بالرؤية كما فعل بك.
على أنهم إنما عدلوا عن عبادة أرباب الأصنام وهم الملائكة وروحانيات الكواكب ونحوهم إلى عبادة الأصنام والتماثيل لتكون محسوسة غير غائبة عن المشاهدة عند العبادة والتقرب بالقرابين.
وقوله تعالى: " لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا " أي أقسم لقد طلبوا الكبر لأنفسهم بغير حق وطغوا طغيانا عظيما.
قوله تعالى: " يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا " في المفردات: الحجر الممنوع منه بتحريمه قال تعالى: " وقالوا هذه أنعام وحرث حجر " " ويقولون حجرا محجورا " كان الرجل إذا لقي من يخاف يقول ذلك فذكر تعالى أن الكفار إذا رأوا الملائكة قالوا ذلك ظنا أن ذلك ينفعهم. انتهى.
وعن الخليل كان الرجل يرى الرجل الذي يخاف منه القتل في الجاهلية في الأشهر الحرم فيقول: حجرا محجورا أي حرام عليك التعرض لي في هذا الشهر فلا يبدؤه بشر وعن أبي عبيدة: هي عوذة للعرب يقولها من يخاف آخر في الحرم أو في شهر حرام إذا لقيه وبينهما ترة.
فقوله: " يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين " يوم - على ما قيل - ظرف لقوله: " لا بشرى " وقوله: " يومئذ " تأكيد له، والمراد بقوله: " لا بشرى " نفي للجنس، والمراد بالمجرمين كل متصف بالإجرام غير أن مورد الكلام إجرام الشرك والمجرمون هم الذين لا يرجون اللقاء، وقد تقدم ذكرهم والمعنى: يوم يرى هؤلاء الذين لا يرجون لقاءنا الملائكة لا بشرى - على طريق نفي الجنس - يومئذ للمجرمين وهم منهم.
وقوله: " ويقولون حجرا محجورا " فاعل يقولون هم المشركون أي يقول المشركون يومئذ للملائكة وهم قاصدوهم بالعذاب: حجرا محجورا أي لنكن في معاذ منكم، وقيل: ضمير الجميع للملائكة، والمعنى: ويقول الملائكة للمشركين حراما محرما عليكم سماع البشرى، أو حراما محرما عليكم أن تدخلوا الجن أو حراما محرما
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»
الفهرست